تفسير قوله تعالى :" إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " حفظ
الشيخ : وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فهذا هو اليوم التاسع والعشرون من شهر رمضان عام ثمانية عشر وأربعمئة وألف استمعنا فيه إلى قراءة إمامنا في صلاة الصبح من قوله تعالى : (( إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) من المعلوم أن الأمر إلى الله عز وجل لله الأمر من قبل ومن بعد وأن لله أن يختار من خلقه ما شاء كما قال الله تعالى : (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم )) وهنا نسأل عن الآية التي تلوناها (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم )) فما محل ما من الإعراب؟ أعني ما الثانية ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم نعم، نعم؟ نافية؟ إذن نقف على قوله
الطالب : ويختار
الشيخ : (( ويختار )) تمام فالله تعالى يخلق ما يشاء ويختار ما شاء من خلقه قال الله تعالى : (( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس )) اصطفى آدم ونوحاً ذكر آدم وذكر نوحا لأن آدم هو أبو البشرية الأول ونوحاً هو أبو البشرية الثاني لأن الله أهلك الناس جميعاً الذين كذبوا نوحا وبقي من آمن معه ناجياً وتوالد الناس من ذرية نوح عليه الصلاة والسلام فاصطفى الله آدم واصطفى نوحاً على من؟ اصطفاهم على العالمين لأن الله تعالى قال: (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً )) ولكن ابن آدم إذا كفر بالله صار أحقر من الأنعام بل شراً من الأنعام لقول الله تعالى في الكفار : (( أولئك كالأنعام بل هم أضل )) ولقوله تعالى : (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون )) فانظر كيف انحطّ الآدمي من القمة إلى القمامة لأنه كفر بالله عز وجل وقال الله تعالى : (( والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون )) اصطفى الله آدم واصطفى نوحاً وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب.