ذكر اعتذر نوح للناس في قصة الشفاعة . وذكر قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أسامة بن زيد في تطليق زينب بنت جحش . حفظ
الشيخ : ثم يأتون إلى نوح يعني يأتي الناس يوم القيامة إلى نوح ليشفع لهم فيعتذر بماذا؟ بأنه سأل ما ليس له به علم حيث قال : (( رب إن ابني من أهلي )) وقد وعده الله تعالى أن ينجيه وأهله فقال : (( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين )) بماذا أجابه الله ؟ قال : (( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )) هكذا يقول الله عز وجل لنبي بل لرسول من أولي العزم من الرسل يقول هذا الكلام الغليظ (( فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )) فما بالك بواحد من البشر يحكم بالشريعة فيما ليس له به علم أليس هذا أعظم ؟ نعم هو أعظم لأن المفتي يقول عن الله فإذا قال عن الله قولاً لم يقله الله صار بذلك أشد ظلماً ممن سأل ما ليس له به علم، وانظر إلى قول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أشرف البشر عند الله : (( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ )) من هو الذي أنعم الله عليه وأنعم عليه الرسول ؟ زيد بن حارثة رضي الله عنه (( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ )) حين استشاره في طلاقها فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أمسكها ) قال الله تعالى : (( وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ )) كلام عظيم لمن ؟ لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن الله سبحانه وتعالى يفعل مثل ذلك حتى يتبين للخلق ألا نسب بينه وبين عباده وأن أكرم الخلق عند الله أتقاهم وأنه إذا وقع مثل ذلك للرسل فمن دونهم من باب أولى أن تقع عليهم اللائمة.
المهم يا إخواني أن نوحاً يعتذر، يأتون بعد ذلك إلى إبراهيم فيعتذر وإلى موسى فيعتذر وإلى عيسى فلا يعتذر بشيء فعله ولكنه يُقر بأن غيره أولى بها لأن عيسى إذا أتوه لا يذكر شيئاً مما يمنعه من الشفاعة لكنه يدلهم على من هو أحق بها منه وهو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه الشفاعة فيشفع وهذا من المقام المحمود الذي وعده الله به في قوله: ومن الليل _ اجلس - في قوله : (( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا )) .