شرح أحاديث من كتاب عمدة الأحكام كتاب الحدود : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله أخرجه الجماعة . اجتوت البلاد إذا كرهتها وإن كانت موافقة واستوبأتها إذا لم تكن موافقة . حفظ
القارئ : أما بعد فمع كتب الحدود من كتاب * عمدة الأحكام *
الحديث الأول :
عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : ( قدم ناس من عكَل أو عرينة)
الشيخ : عكْلٍ
القارئ : ( من عكْلْ أو عرينة فاجتووا المدينة فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا النِعم )
الشيخ : واستاقوا النَّعم
القارئ : ( واستاقوا النَّعم فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر بهم فقُطّعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمرت أعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يُسقون ). قال أبو قلابة : " فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله " أخرجه الجماعة . اجتوت البلاد : إذا كرهتها وإن كانت موافقة واستوبأتها إذا لم تكن موافقة .
الشيخ : طيب يقول المؤلف رحمه الله تعالى : " كتاب الحدود " الحدود تطلق على عدة معاني تارة يراد بها الأوامر وتارة يراد بها النواهي وتارة يراد بها العقوبة فإذا قيل (( تلك حدود الله فلا تعتدوها )) كان المراد بها الأوامر وإذا قيل : (( تلك حدود الله فلا تقربوها )) فالمراد به االنواهي وإذا قيل من زنى أقيم عليه الحد فالمراد به العقوبة هذا الترجمة التي ذكر المؤلف يراد بها العقوبة والحد الذي بمعنى العقوبة يُعرّف بأنه عقوبة مقدرة شرعاً في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها وتكفر ذنب فاعلها ، -استمع - الحدود بمعنى العقوبة هي إيش ؟ عقوبة مقدرة شرعاً في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها وتكفّر ذنب الفاعل فقولنا مقدرة شرعاً، خرج به العقوبات التي ليست مقدرة بالشرع ولكنها مقدرة بنظر الحاكم وتسمى التعزيرات وقولنا في معصية خرج به العقوبة في غير المعاصي كالعقوبة في ترك الواجبات مثلاً وقولنا لتمنع الوقوع في مثلها وتُكفّر عن فاعلها هذا فيه الإشارة إلى الحكمة من إقامة الحدود لماذا فَرض الله الحدود على الناس ؟ من أجل أن تمنع الوقوع في مثلها لأن من لا يردعه القرآن يردعه السلطان وتكفر عن فاعلها لأن الرجل إذا أذنب وأقيم عليه الحد فإنه كفارة له فلا يجمع الله له بين عقوبة الدنيا والآخرة هذه هي الحدود والحدود تقع في الزنا وفي اللواط وفي السرقة وفي قطع الطريق وفي القذف كل ما كانت عقوبته مقدرة في الشرع فهو من الحدود، ذكر المؤلف رحمه الله هذه القصة العجيبة نزل قوم من عكْل أو عرَينة وهما قبيلتان معروفتان في العرب نزلوا المدينة وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكأنهم كرهوا المدينة اجتووها وكرهوها فأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يلحقوا بإبل الصدقة فلحقوا بالإبل وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فصحُّوا ونشطوا وعادت عليهم الصحة ولكنهم كفروا النعمة والعياذ بالله ، أتدرون ماذا فعلوا هؤلاء ؟ أولاً سملوا عين الراعي سملوا عينه وسمل العين أن يحمي الإنسان شيئاً كالمخيط وتعرفون المخيط الإبرة الغليظة أحموها على النار ثم كحلوا به أعين الراعي نسأل الله العافية حتى تفجرت عيناه ثم قتلوه ثم استاقوا الإبل أخذوها غصباً فجاء الخبر إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أول النهار وكان النبي صلى الله عليه وسلم مع رحمته كان قوياً حازماً وهكذا ينبغي للإنسان ألا تمنعه الرحمة من الإصلاح لأن بعض الناس يكون عنده الرحمة فتغلب الرحمة الحكمة وهذا غلط يجب أن تكون الرحمة والحكمة قرينتين لا يكون الإنسان رحيماً غير حكيم ولا حكيماً غير رحيم لا بد من الأمرين يكون حازماً في أموره حتى يَصلُح الخلق به، جاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول النهار فأرسل في طلبهم فجيء بهم يعني أنهم أدركوا وجيء بهم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تسمل أعينهم ويش معنى تُسمل؟ يحمى مخيط ويكحلون به حتى تتفجر العين وإنما أَمر بذلك لأنهم فعلوا بالراعي هذا وهذا من القصاص، العين بالعين والجنابة بالجناية فالقصاص يجب أن يُفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم رضّ رأس رجل بين حجرين لأنه رضّ رأس جارية فإن في المدينة قوماً من اليهود كما هو معروف خرجت جارية من الأنصار وعليها أوضاح حلي فسرقه اليهودي واليهود كما نعلم أشد الناس حرصاً على المال وأبخل عباد الله لأنهم قالوا يد الله مغلولة فغلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، هذا اليهودي قتل الجارية وأخذ ما عليها من الحلي فجيء إلى الجارية وفيها رمق لم تمت بعد فقيل من فعل بك؟ هذا هذا؟ يعدون أناساً حتى ذكروا اسم اليهودي بأنه هو الذي فعل بها هذا ، فأخذ اليهودي فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضّ رأسه بين حجرين لأنه فعل بالجارية كذلك، هؤلاء القوم من عكل أو عرينة سملوا أعين الراعي فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تُسمل أعينهم ثم أمر أن تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أي تُقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى اليد من مفصل الكف وفي مفصل الكف ثلاثة أعضاء نشوف للأخ يبينها لنا، انتظروا يا جماعة، ... إيش فيه ؟ فيها الخنصر بس الخنصر ما هو في مفصل الكف، والبنصر، الكف فيه الكف نريد مفصل الكف نعم لا تعلم ما اسم اليوم من الأسبوع الثلاثاء سبحان الله يخفى عليك اسم اليوم! نعم،
الطالب : أجاوب أنا
الشيخ : لا لا تجاوب، قال أن اليوم الثلاثاء ومن الشهر سبع وعشرين؟ تسع وعشرين بارك الله فيك استرح من يعرف المفاصل في الكف تمام استرح في هذا المفصل كوع وكرسوع ورسغ ، نعم وأنشدناكم قبل هذا بيتا ولعل بعضكم يذكره اذكره لنا استرح تفضل
الطالب : وعظم يلي الإبهام كوع ويلي البوع ...
الشيخ : اذكر البيت باللفظ لا بالمعنى استرح سبحان الله، إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : أنشدتكموه قبل أيام قليلة وين هو يلا لا اللي وراك نعم تفضل
الطالب : ...
الشيخ : الكرسوع والرسغ ما وسط أحسنت استرح
"وعظم يلي إبهام رجل ملقبٌ *** ببوع فخذ بالعلم "
اصبر يا رجل كمل الله يهديك ، قم
" فخذ بالعلم واحذر " بارك الله فيك استرح يقول :
الطالب : ...
الشيخ : " وعظم يلي الإيهام كوع *** وما يلي لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
وعظم يلي إبهام رجل ملقبٌ *** ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط "

نعود إلى الحديث أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركوا في الحرة حرة المدينة في الشمس يستسقون فلا يُسقون حتى ماتوا ترون أن هذه العقوبة عقوبة صارمة جيدة لأن الفعل الذي وقع منهم فعل قبيح سيء أنعم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهبوا إلى الإبل ويشربوا من أبوالها وألبانها ويكون الجزاء أن قتلوا الراعي واستاقوا الإبل هذه فعلة قبيحة فكانت عقوبتهم من أنسب ما يكون.