معنى قوله :" هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا " وإطلاقات جعل. حفظ
الشيخ : (( هو الذي جعل الشمس ضياء ))جعل بمعنى صير. واعلم أنّ جعل تأتي باللغة العربية على معنيين : المعنى الأول أوجد جعل بمعنى أوجد. والثاني : بمعنى صير. فمن الأول قول الله تبارك وتعالى : (( وجعل الظلمات والنور )) أي أوجدهما. وعلامة هذه التي تكون بمعنى أوجد أو بمعنى خلق أنها لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد ومثال التي بمعنى صير بل أمثلتها كثيرة كما في هذه الآية (( هو الذي جعل الشمس ضياء )) وعلامتها أن تنصب أكثر من مفعول. وهنا نصبت كم ؟ مفعولين : الأول : الشمس ، والثاني : ضياء. والشمس معروفة هي هذا الجرم العظيم الذي إذا تأمله الإنسان وجد أنه من أكبر آيات الله عز وجل.كم بيننا وبين هذا الجرم من المسافات البعيدة الشاسعة. ومع ذلك يصل ضياؤه وحرارته إلى الأرض. وفي أيام الصيف تكاد الأرض تفوح من الحرارة. مع أنه لو اجتمع جميع مولدات الأرض وطاقاتها وجعلت في مكان فإنها لا يصل مدى حرارتها إلى مكان بعيد بل إلى مكان محدود. أما هذه الشمس التي خلقها الله عز وجل فإن حرارتها تصل إلى الأرض وبينها وبين الأرض من السنين ما لا يعلمه إلا الله عز وجل. وقوله : (( ضياء )) الضياء هو النور بحرارة و ضوء الشمس مشتمل على هذين الأمرين :الأول : النور ، والثاني : الحرارة. ولذلك كم يحصل بطلوع الشمس من توفير على الخلق بالنسبة لاستهلاك الضوء؟ إذا قدرنا أن هذا القصر فيه خمسمائة لمبة ، ثم طلعت الشمس كل هذه اللمبات ايش ؟ تطفأ ويتوفر شيء كثير .كذلك إذا قدرنا أن هذا البيت في أيام الشتاء يستهلك كثيرا من الطاقة من أجل تدفئة هذا البيت ، فإنه إذا طلعت الشمس توفر شيء كثير من هذا الاستهلاك. إذن ضياء أقول : الضياء هو ايش ؟ النور مع الحرارة. وهذا هو ما تتميز به الشمس. أما القمر فقال : (( والقمر نورا )) يعني وجعل القمر نورا لكنه لا حرارة فيه. وذلك لأن القمر يكتسب نورَه من الشمس ، وإلا فإنه مظلم كما قال عز وجل : (( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل )). فهو جُرم مظلم لا يضيء منه إلا ما قابل الشمس. ولهذا إذا كان قريبا من الشمس كان المضيء منه صغيرا وإذا بعد من الشمس كلما بعد اتسع نوره. فإذا تمت المقابلة بينه وبين الشمس امتلأ نورا وذلك في زمن الإبدار. فالقمر نور وليس ضياء. ماذا تقولون في قول الله تعالى : (( وجعلنا سراجا وهاجا )) أيشير إلى القمر أو يشير إلى الشمس ؟ نعم؟ إلى الشمس. تمام .