رابعا : بعد الإنسان عن كل ما يلهيه في صلاته . حفظ
الشيخ : وقوله عز وجل : (( حتى تعلموا ما تقولون )) يحتمل أن تكون حتى للتعليل ويحتمل أن تكون للغاية. فإذا كانت للتعليل صار المعنى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى من أجل أن تعلموا ما تقولون ، لأن السكران والعياذ بالله لا يعلم ما يقول. وإذا كانت للغاية فالمعنى لا تقربوا الصلاة حتى تصحوا ويزول عنكم السكر فتعلموا ما تقولون. وحتى تأتي في اللغة العربية للغاية وللتعليل. مثال ذلك : في الغاية قول بني إسرائيل لهارون : (( لن نبرح عليه )) أي على العجل عاكفين إيش ؟ (( حتى يرجع إلينا موسى )) أي إلى أن يرجع إلينا موسى. ومثالها للتعليل: قول المنافقين : (( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا )) أي لأجل أن ينفضوا عنه إذا لم يجدوا من ينفقوا عليهم. على كل حال الآية التي معنا يحتمل أن تكون للتعليل ويحتمل أن تكون للغاية. وفي هذا دليل على أنه ينبغي للمصلي أن يبتعد عن كل ما يلهيه عن صلاته. ولذلك لما صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخميصة وهي ثوب مخطط. ونظر إليها نظرة واحدة في صلاته. ثم انصرف من صلاته وقال : ( اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وآتوني بأنبجانية أبي جهم ) وهي كساء غليظ لا يلهي المصلي. فدل ذلك على أنه ينبغي للإنسان أن يبتعد عن كل ما يلهيه في صلاته. أنتم معنا؟ طيب. فإن وجد ما يلهيه عن صلاته وغلب ذلك على الصلاة أو أكثرها فقد اختلف العلماء رحمهم الله : هل الصلاة باطلة أو غير باطلة ؟ فمنهم من يقول : إنها باطلة لأن لب الصلاة وروح الصلاة هو الخشوع الذي هو حضور القلب. فإذا صلى بدون حضور قلب فتلك صلاة لا روح لها. وإنما هي مجرد حركات. وقال أكثر أهل العلم : إن الصلاة لا تبطل ولو كان ساهيا. واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيطان ( إنه إذا كبر الإنسان للصلاة أتاه الشيطان وقال له أتذكر كذا وكذا أتذكر كذا وكذا أتذكر كذا وكذا حتى لا يدري كم صلى ). وهذا يدل على أن الوسواس يعني الهواجيس في الصلاة لا تبطلها. ولكن بلا شك تنقصها نقصا عظيما. ولهذا حاول يا أخي إذا انفتح عليك باب الهواجيس وأنت تصلي أن تسده وتقبل على صلاتك.