مقدمة بين يدي الكتاب . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فإن بين أيدينا كتاب مختصر يسمى * العقيدة الواسطية * ألفه حبر الأمة في زمانه : أبو العباس شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني رحمه الله المتوفى سنة 728 هـجرية .
ولهذا الرجل من المقامات التي يشكر عليها والتي نرجو من الله له فيها المثوبة، له من المقامات في الدفاع عن الحق ومهاجمة أهل الباطل ما يعلمه كل من تتبع كتبه وسبرها، والحقيقة أنه من نعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة، لأن الله سبحانه وتعالى كف به أموراً عظيمة خطيرة على العقيدة الإسلامية .
هذا الكتاب كتاب مختصر سماه * العقيدة الواسطية * لأنه حضر إليه رجل من قضاة واسط، وشكا إليه ما كان الناس يعانونه من المذاهب المنحرفة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، فكتب هذه العقيدة التي تعتبر زبدة لعقيدة أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالأمور التي خاض الناس فيها بالبدع وكثر فيها الكلام والقيل والقال.
وقبل أن نبدأ الكلام على هذه الرسالة العظيمة أو الكتاب الصغير حجما الكبير معنا نحب أن نبين أن جميع رسالات الرسل، من أولهم نوح عليه الصلاة والسلام، إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم كلها تدعو إلى التوحيد كلها تدعو إلى توحيد الله عز وجل قال الله تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ )) وقال تعالى : (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) وذلك أن الخلق خلقوا لواحد فقط وهو الله عز وجل خلقوا لعبادته لتتعلق قلوبهم به تألها وتعظيما وخوفا ورجاء وتوكلا ورغبة ورهبة، حتى ينسلخوا عن كل شيء من الدنيا لا يكون معينا لهم على توحيد الله عز وجل في هذه الأمور، لأنك أنت مخلوق لا بد أن تكون لخالقك قلبا وقالبا في كل شيء.
لهذا كانت دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الأمر الهام العظيم عبادة الله وحده لا شريك له، ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية كما يدعون إلى توحيد الألوهية، ذلك لأن منكري توحيد الربوبية قليلون جدا قليلون، وحتى الذين ينكرونه هم في قرارة نفوسهم لا يستطيعون أن ينكروه اللهم إلا أن يكونوا قد سلبوا العقول، العقول المدركة أي أدنى إدراك فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة.