شرح قول المصنف : ولا تعطيل حفظ
الشيخ : " ولا تعطيل " صار التعبير بالتحريف أولى من التعبير بالتمثيل من كم من وجه ؟ من أربعة أوجه .
" ولا تعطيل " التعطيل : بمعنى التخلية والترك كقوله تعالى : (( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ )) يعني مخلاة متروكة.
والمراد بالتعطيل : إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات سواء كان كليا أم جزئياً وسواء كان ذلك بتحريف أو بجحود كله يسمى تعطيلا فالتعطيل إذا في اللغة التخليلة والترك .
في الاصطلاح : إنكار ما وصف الله وسمى به نفسه كليا كان أو جزئيا تحريفا كان أم جحودا هذا التعطيل، فأهل السنة والجماعة جعلنا الله منهم لا يعطلون أي اسم من أسماء الله أو أي صفة من صفات الله ولا يجحدونها بل يقرون بها إقرارا كاملا.
فإن قلت : ما الفرق بين التعطيل والتحريف ؟
قلنا : التحريف في الدليل والتعطيل في المدلول هذا الفرق الفرق بينهما التحريف في الدليل والتعطيل في المدلول فمثلا إذا قال قائل : معنى قوله تعالى : (( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ )) أي بل قوتاه هذا محرف للدليل ومعطل للمراد الصحيح لأن المراد اليد الحقيقية وهو قال بمعنى القوة فقد عطل المعنى المراد وأثبت معنى غير المراد، وإذا قال : بل يداه مبسوطتان لا أدري أفوض الأمر إلى الله لا أثبت اليد الحقيقية ولا اليد المحرف إليها اللفظ نقول : هذا معطل وليس بمحرف هذا معطل لكنه محرف لأنه يبقى اللفظ على ما هو عليه ولا فسره بغير مراده لكن عطل معناه الذي يراد به وهو إثبات اليد لله عز وجل أفهمتم الآن طيب .
أقول : الفرق بين التحريف والتعطيل : التحريف في الدليل والتعطيل في المدلول واضح المثال : نجعل المثال صفة اليد لله عز وجل (( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ )) قال المحرف : يداه أي نعمتاه هذا محرف ولا لا ؟ ومعطل ولا غير معطل ؟ معطل قد تقول معطل من وجه وغير معطل من وجه لكن معطل للمعنى المراد مثبت لمعنا غير مراد ولا لا ؟ طيب .
قال الثاني : بل يداه مبسوطتان أنا أقرؤها كما كانت ولا أفسرها وأقول أفوضها إلى الله عز وجل نقول هذا معطل محرف ولا غير محرف ؟ غير محرف ما تكلم بشيء لكنه معطل .
أهل السنة والجماعة يتبرؤون من الطريقتين :
الطريقة الأولى : التي هي تحريف اللفظ بتعطيل معناه الحقيقي المراد إلى معنى غير مراد.
والطريقة الثانية : وهي طريقة أهل التفويض فهم لا يفوضون بل يقولون نحن نقول : (( بَلْ يَدَاهُ )) أي : يداه الحقيقيتان (( مَبْسُوطَتَانِ )) وهما غير القوة والنعمة فهؤلاء لم يعطلوا ولم يحرفوا أظن واضح الآن إذا عقيدة أهل السنة والجماعة بريئة من التحريف ومن التعطيل، وبهذا تعرف ضلال وكذب من قالوا : إن طريقة السلف هي التفويض الذين يقولون إن طريق السلف هي التفويض هؤلاء ضلوا، ضلوا إن قالوا ذلك عن جهل بطريقة السلف، وكذبوا إن قالوا ذلك عن عمد أو نقول كذبوا على الوجهين على لغة من ؟ الحجاز لأن الكذب عند الحجازيين بمعنى الخطأ.
على كل حال الذين يقولون إن مذهب أهل السنة هو التفويض، لا شك أنهم أخطأوا وأنهم خاطئون لأن مذهب أهل السنة هو إثبات الصفات إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " من شر أقوال أهل البدع والإلحاد " عندما يسمع الإنسان التفويض يقول : هذا طيب زين أسلم من دول ومن دول نعم لا أقول بمذهب أهل السنة أو السلف ولا أقول بمذهب أهل التأويل أسلك سبيلا وسطا نعم وأسلم من هذا كله وأقول : الله أعلم ولا ندري ويش معناها لكن يقول شيخ الإسلام : " هذا من شر أقوال أهل البدع والإلحاد‍‍ ‍" وصدق رحمه الله. إذا تأملته وجدته تكذيبا للقرآن وتجهيلا للرسول صلى الله عليه وسلم، تكذيبا للقرآن لأن الله يقول : (( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ )) وأي بيان في كلمات لا يدرى ويش معناها ؟‍ وهي من أكثر ما يرد في القرآن من أكثر ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته إذا كنا لا ندري ويش معناها هل يكون القرآن تبيانا لكل شيء ؟ لا تقولوه مجاملة لي أو أكتب عليكم صح إذا كان القرآن مجهولا فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته وين التبيان ؟ (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ )) وين التبيان ؟ نعم واضح طيب .
تكذيب للرسول عليه الصلاة والسلام كيف كان تكذيبا ؟ قصدي تجهيلا تجهيلا للرسول صلى الله عليه وسلم لأن هؤلاء يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري عن معاني القرآن فيما يتعلق بالأسماء والصفات لا يدري وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام ما يدري، فغيره من باب أولى.
اسمع لعجب أعجب يقولون : الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم في صفات الله ولا يدري ما معناه نعم يقول : ( ربنا الله الذي في السماء ) ويش معناها يا رسول الله ؟ قال : لا أدري طيب ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) ويش معناها يا رسول الله ؟ قال : والله ما أدري وعلى هذا فقس هل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول صلى الله عليه وسلم من أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو ما يدري ويش معنى آيات الصفات وأحاديثها هو يتكلم بالكلام ولا يدري ويش معناه .
هذا وجهين : تكذيب القرآن تجهيل الرسول.
فتح الباب للزنادقة كيف الزنادقة قالوا لأهل التفويض : اقعدوا أنتم بدو أنتم أعراب ما تعرفون جهال حنا نعرف وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله يقولون : نحن اللي معنا العلم لأنه كوننا نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين جهال ولا لا قالوا : قفوا مكانكم حنا في غنى عنكم وخروا عنا حنا نوريكم بالمعاني نعم وجاؤوا يتكلمون بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته ما يقدر أهل التفويض يردون عليهم يقدرون يردوا عليهم ؟ ما يقدرون لأنهم يقولون : نحن لا نعلم ماذا أراد الله جائز الذي يريد الله هو ما قلتم ففتحوا باب شرور عظيمة ولهذا جاءت العبارة الكاذبة : " طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم " يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " هذه قالها بعض الأغبياء " وهو صحيح هذه الكلمة من أكذب ما يكون نطقا ومدلولا " طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم " كيف تكون أعلم وأحكم وهي أسلم فيه سلامة بدون علم وحكمة ؟ أبدا الواحد الي ما يدري عن الطرق واحد قال أبي أروح للرياض مثلا وهو ما يدري عن الطريق وقام يخبط يما راح يمين يما راح يسار حتى قضى عليه الحر فهلك سلم ولا لا ؟ ليش ؟ لأنه ما معه علم، لو كان معه علم لسلم طيب فيه الحكمة أيضا واحد يعرف الطريق لكن قال أنا بروح وإذا ولا من ... بالطريق رجعت ولا ... وصلت بلدي رجعت ولو أخذت ثلاث أرباع الطريق رجعت ليش ؟ قال علشان أتمرن على المشي هذا حكمة ولا لا ؟ هو يروح بغرض مو بس أراد التمرن قام يتردد ليش ؟ قال : هذا أريد طيب إذا لا سلامة إلا بعلم وحكمة.
إذا قلت : إن طريقة السلف أسلم لزم أن تقول هي أعلم وأحكم وإلا لكنت متناقصا.
إذا نحن ماذا نأخذ من هذه العبارة نأخذ أن " طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم " وهذا معلوم.
طريقة الخلف شوف طريقة الخلف التي يشير إليها هذا القائل : طريقة الخلف ما قاله القائل :
" لعمري لقد طفت المعاهد كلها *** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرى إلا واضعا كف حائر *** على ذقن أو قارعاً سن نادم "

هذه الطريقة إلي يقول إنه ما وجد إلا واضعا كف حائر ذقن ويش العلم هذا عنده علم ؟ أو واحد : قارع سنه يقول : ويش الطريقة ؟ دلوني هدول عندهم علم وحكمة أبدا.
والرازي وهو من كبرائهم يقول :
" نهاية أقدام العقول عقال *** وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وغاية دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا "

ثم يقول : " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) (( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ )) وأقرأ في النفي (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) (( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً )) كل هذا صحيح ومن جرب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي ".
طيب هدول نقول إن طريقتهم أعلم وأحكم ؟
الذي يقول : " إني أتمنى أن أموت على عقيدة عجائز نيسابور " العجائز عندهم علم ولا من عوام الناس ؟ من عوام الناس يتمنى أن يعود إلى الأميات نعم وين العلم الذي عندهم ؟
فتبين بهذا أيها الإخوة أن طريقة التفويض طريق خاطئ لأنه يتضمن ثلاث مفاسد وهي : تكذيب القرآن تجهيل الرسول فتح الباب للإلحاد نعم والزنادقة وأن الذين قالوا : إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف بل هم يثبتون اللفظ والمعني ويقررونه، ويشرحونه بأوفى شرح طيب ذكرت لنا أن التعطيل هو يعود على إيش ؟ المدلول والتحريف على الدليل التحريف للدليل والتعطيل للمدلول وقلنا : لدينا اثنان محرف ومفوض كلاهما معطل لكن الأول أثبت معنى والثاني لم يثبت معنى .
أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يعطلون يقولون بمعنى النصوص كما أراد الله : (( اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) يعني : علا عليه وليس معناه استولى.
(( بِيَدِهِ )) يد حقيقية وليست القوة والنعمة فلا تحريف عندهم ولا تعطيل.