شرح قول المصنف : وقوله : ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه )وقوله : ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) حفظ
الشيخ : قال " (( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ )) سبحانه وتعالى ".
ما : نافية، وأنثى : فاعل تحمل لكنه معرب بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بتقدير حركة أيضا الكسرة المقدرة بتقدير حركة حرف الجر الزائد، وهنا إشكال كيف تقول زائد وليس في القرآن زائد ؟
فالجواب : أنه زائد من حيث الإعراب أما من حيث المعنى فهو مفيد وليس في القرآن شيء زائد لا فائدة منه ولهذا نحن قلنا في مرة من المرات أو أكثر من مرة : إنه زائد غير زائد كيف زائد زائد ؟ متعدي ولازم من زاد اللازم ومن زاد المتعدي فهو زائد بمعنى أنه لا يخل بالإعراب لو حذف زائد من حيث المعنى يزيده توكيدا .
وقوله: (( وما تحمل مِنْ أُنْثَى )) أي أنثى، سواء آدمية أو حيوانية أخرى أي أنثى تحمل (( وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ )) الذي يحمل حيواناً واضح أنه داخل في الآية كبقرة وبعير وشاة وما أشبهها لكن يدخل في ذلك الذي يحمل البيض كالطيور ؟ نعم الظاهر أنه يدخل لأن البيض في جوف الطائر حمل فإذا يشمل كل الإناث .
(( وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ )) ما تحمل هذا للابتداء ولا تضع هذا الانتهاء فابتداء الحمل بعلم الله وانتهاؤه وخروج الجنين بعلم الله عز وجل.
وقوله : (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )) .
(( لِتَعْلَمُوا )) اللام للتعليل لأن الله قال : (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) خلق هذه السماوات السبع والأرضين السبع وأعلمنا بذلك لنعلم (( أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) وسبق أن القدرة هي وصف يتصف به الفاعل يتمكن به من الفعل بدون عجز هذه القدرة فهو على كل شيء قدير مهما كان يقدر على إيجاد المعدوم وعلى إعدام الموجود فالسماوات والأرض كانت معدومة فخلقها الله عز وجل وأوجدها على هذا النظام البديع اذلي هو من آيات الله سبحانه وتعالى.
ثاينا : (( وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )) كل شيء الصغير والكبير والمتعلق بفعله أو بفعل عباده والماضي واللاحق والحاضر كل ذلك قد أحاط الله به سبحانه وتعالى علما.
وهذا أعني العلم والقدرة ذكرهما الله عز وجل بعد الخلق لأن الخلق لا يتم إلا بعلم وقدرة ودلالة الخلق على العلم والقدرة من باب دلالة التلازم وقد سبق أن دلالات الأسماء على الصفات ثلاثة أنواع مطابقة وتضمن والتزام .
وقوله : (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير )) ذكر صاحب * الجلالين * عفا الله عنا وعنه في سورة المائدة قال : " وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر "
ونحن نناقش هذا الكلام من وجهين :
الوجه الأول : أنه لا حكم للعقل فيما يتعلق بذات الله وصفاته بل لا حكم له في كل الأمور الغيبية كل الأمور الغيبية فوق مستوانا وفوق مستوى عقولنا ولهذا لو رجعنا إلى الحس مثلا لكانت الشمس لو دنت منا مقدار مئة ذراع أو أكثر لأحرقتنا وفي يوم القيامة تدنو من الناس ها بقدر ميل فالأمور الغيبية عموما ومنها ما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته هذه أمور لا يمكن أن يكون للعقل فيها أي حكم وظيفة العقل فيها هي التسليم التام وأن نعلم أن ما ذكره الله من هذه الأمور ليس محالا ولهذا يقال : إن النصوص لا تأتي بمحال وإنما تأتي بمحار ويش معنى محال ومحار ؟ محال يعني لا يمكن يوجد، محار يعني محل تحير العقول العقول تتحير لأنها تسمع ما لا تدركه ولا تتصوره نحن نقول : إن كل ما يتعلق بذات الله عز وجل ليس للعقل فيه مدخل إطلاقا فقوله " خص العقل ذاته " نحن ننازعك في كون العقل دليلا على ما يثبت لله أو ينفى عنه والدليل فيما يثبت لله أو ينفى عنه هو الدليل السمعي فقط لا غير لأن هذا من أمور الغيب والعقول لا مدخل لها في أمور الغيب .
ثاينا : قوله : " فليس عليها بقادر " خطأ عظيم كيف لا يقدر على نفسه وهو قادر على غيره يعني كلامه هذا يستلزم أنه لا يقدر أن يستوى ولا أن يتكلم ولا أن ينزل إلى السماء الدنيا ولا أن يأتي للقضاء بين عباده ولا يفعل شيئا أبدا وهذا خطير جدا لكن لو قال قائل : لعله يريد " خص العقل ذاته فليس عليها بقادر " يعني لا يقدر على أن يفني نفسه مثلا هذا المراد قلنا هذا لا أصله لم يدخل في العموم حتى يحتاج إلى إخراج وتخصيص لأن القدرة إنما تتعلق بالأشياء الممكنة لأن غير الممكن ليس بشيء غير الممكن لاحظوا أنه ليس بشيء لا في الخارج ولا في الذهن في الواقع غير الممكن مستحيل فأصلا القدرة لم تتعلق بالمستحيل بخلاف العلم كما سبق.
فينبغي للإنسان كما أسلفنا كثيرا أن يتأدب فيما يتعلق بجانب الربوبية لأن المقام مقام عظيم والواجب على المرء نحوه أن يستسلم ويسلّم وألا يفرض ويقول أرأيت أرأيت لأن هذه من الأمور التي ليس للعقل فيها مجال إطلاقا.
إذا نحن نطلق ما أطلقه الله ونقول إن الله على كل شيء قدير بدون استثناء طيب وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
في الآية هذه خليها إن شاء الله بعدين في الرد على المعتزلة والقدرية .
ما : نافية، وأنثى : فاعل تحمل لكنه معرب بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بتقدير حركة أيضا الكسرة المقدرة بتقدير حركة حرف الجر الزائد، وهنا إشكال كيف تقول زائد وليس في القرآن زائد ؟
فالجواب : أنه زائد من حيث الإعراب أما من حيث المعنى فهو مفيد وليس في القرآن شيء زائد لا فائدة منه ولهذا نحن قلنا في مرة من المرات أو أكثر من مرة : إنه زائد غير زائد كيف زائد زائد ؟ متعدي ولازم من زاد اللازم ومن زاد المتعدي فهو زائد بمعنى أنه لا يخل بالإعراب لو حذف زائد من حيث المعنى يزيده توكيدا .
وقوله: (( وما تحمل مِنْ أُنْثَى )) أي أنثى، سواء آدمية أو حيوانية أخرى أي أنثى تحمل (( وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ )) الذي يحمل حيواناً واضح أنه داخل في الآية كبقرة وبعير وشاة وما أشبهها لكن يدخل في ذلك الذي يحمل البيض كالطيور ؟ نعم الظاهر أنه يدخل لأن البيض في جوف الطائر حمل فإذا يشمل كل الإناث .
(( وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ )) ما تحمل هذا للابتداء ولا تضع هذا الانتهاء فابتداء الحمل بعلم الله وانتهاؤه وخروج الجنين بعلم الله عز وجل.
وقوله : (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )) .
(( لِتَعْلَمُوا )) اللام للتعليل لأن الله قال : (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) خلق هذه السماوات السبع والأرضين السبع وأعلمنا بذلك لنعلم (( أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) وسبق أن القدرة هي وصف يتصف به الفاعل يتمكن به من الفعل بدون عجز هذه القدرة فهو على كل شيء قدير مهما كان يقدر على إيجاد المعدوم وعلى إعدام الموجود فالسماوات والأرض كانت معدومة فخلقها الله عز وجل وأوجدها على هذا النظام البديع اذلي هو من آيات الله سبحانه وتعالى.
ثاينا : (( وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )) كل شيء الصغير والكبير والمتعلق بفعله أو بفعل عباده والماضي واللاحق والحاضر كل ذلك قد أحاط الله به سبحانه وتعالى علما.
وهذا أعني العلم والقدرة ذكرهما الله عز وجل بعد الخلق لأن الخلق لا يتم إلا بعلم وقدرة ودلالة الخلق على العلم والقدرة من باب دلالة التلازم وقد سبق أن دلالات الأسماء على الصفات ثلاثة أنواع مطابقة وتضمن والتزام .
وقوله : (( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير )) ذكر صاحب * الجلالين * عفا الله عنا وعنه في سورة المائدة قال : " وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر "
ونحن نناقش هذا الكلام من وجهين :
الوجه الأول : أنه لا حكم للعقل فيما يتعلق بذات الله وصفاته بل لا حكم له في كل الأمور الغيبية كل الأمور الغيبية فوق مستوانا وفوق مستوى عقولنا ولهذا لو رجعنا إلى الحس مثلا لكانت الشمس لو دنت منا مقدار مئة ذراع أو أكثر لأحرقتنا وفي يوم القيامة تدنو من الناس ها بقدر ميل فالأمور الغيبية عموما ومنها ما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته هذه أمور لا يمكن أن يكون للعقل فيها أي حكم وظيفة العقل فيها هي التسليم التام وأن نعلم أن ما ذكره الله من هذه الأمور ليس محالا ولهذا يقال : إن النصوص لا تأتي بمحال وإنما تأتي بمحار ويش معنى محال ومحار ؟ محال يعني لا يمكن يوجد، محار يعني محل تحير العقول العقول تتحير لأنها تسمع ما لا تدركه ولا تتصوره نحن نقول : إن كل ما يتعلق بذات الله عز وجل ليس للعقل فيه مدخل إطلاقا فقوله " خص العقل ذاته " نحن ننازعك في كون العقل دليلا على ما يثبت لله أو ينفى عنه والدليل فيما يثبت لله أو ينفى عنه هو الدليل السمعي فقط لا غير لأن هذا من أمور الغيب والعقول لا مدخل لها في أمور الغيب .
ثاينا : قوله : " فليس عليها بقادر " خطأ عظيم كيف لا يقدر على نفسه وهو قادر على غيره يعني كلامه هذا يستلزم أنه لا يقدر أن يستوى ولا أن يتكلم ولا أن ينزل إلى السماء الدنيا ولا أن يأتي للقضاء بين عباده ولا يفعل شيئا أبدا وهذا خطير جدا لكن لو قال قائل : لعله يريد " خص العقل ذاته فليس عليها بقادر " يعني لا يقدر على أن يفني نفسه مثلا هذا المراد قلنا هذا لا أصله لم يدخل في العموم حتى يحتاج إلى إخراج وتخصيص لأن القدرة إنما تتعلق بالأشياء الممكنة لأن غير الممكن ليس بشيء غير الممكن لاحظوا أنه ليس بشيء لا في الخارج ولا في الذهن في الواقع غير الممكن مستحيل فأصلا القدرة لم تتعلق بالمستحيل بخلاف العلم كما سبق.
فينبغي للإنسان كما أسلفنا كثيرا أن يتأدب فيما يتعلق بجانب الربوبية لأن المقام مقام عظيم والواجب على المرء نحوه أن يستسلم ويسلّم وألا يفرض ويقول أرأيت أرأيت لأن هذه من الأمور التي ليس للعقل فيها مجال إطلاقا.
إذا نحن نطلق ما أطلقه الله ونقول إن الله على كل شيء قدير بدون استثناء طيب وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
في الآية هذه خليها إن شاء الله بعدين في الرد على المعتزلة والقدرية .