شرح قول المصنف وقوله : ( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه )) وقوله : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) وقوله : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم ) حفظ
الشيخ : نعم (( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) (( ذَلِكَ )) المشار إليه يعود على ما سبق ما الذي سبق من الآيات ؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا، هذه في سورة القتال (( أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) يعني فكيف تكون حالهم في تلك اللحظات إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت أو عند الوفاة ؟
(( ذَلِكَ )) إيش الوفاة ولا ضرب الوجوه والأدبار ؟ ضرب الوجوه والدبار لأن الوفاة لكل أحد .
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ )) أي بسبب لأن الباء للسببية (( اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ )) أي الذي أسخط الله فصاروا يفعلون كل ما به سخط الله عز وجل من عقيدة أو قول أو فعل أما ما فيه رضي الله (( فكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) فصار والعياذ بالله عاقبتهم تلك العاقبة الوخيمة أنهم عند الوفاة تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم .
في هذه الآية من صفات الله : إثبات السخط والرضى (( ما أسخط الله )) فيها دليل على أن هناك أشياء تسخط الله (( كرهوا رضوانه )) فيه دليل على أن هناك أشياء ترضي الله ففيه إثبات السخط وإثبات الرضى .
وكذلك في قوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) (( آسَفُونَا )) يعني أغضبونا وأسخطونا (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونحن نعلم أن لما هنا شرطية فعل الشرط فيها (( آسَفُونَا )) وجوابه (( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونعلم أيضا أن الشرط غير المشروط بل هو بائن منه لأنك لو قلت إن قام زيد قام زيد لم يكن له فائدة لو كان آسفونا هنا معناها انتقمنا منهم لما انتقمنا منهم انتقمنا لم يكن له فائدة فتغاير الشرط والمشروط أمر معلوم في العقول واللغات كلها .
نأخذ من الآيات الثانية أيضا إثبات إيش ؟ إثبات الغضب ونأخذ منها الرد على من فسروا السخط والغضب بالانتقام لأن أهل التعطيل من الأشعرية وغيرهم يقولون إن المراد بالسخط والغضب الانتقام أو إرادة الانتقام ولا يفسرون السخط والغضب بصفة من صفات الله عز وجل يتصف بها هو نفسه لا يقول : غضبه أي انتقامه غضبه إرادة انتقامه أتدرون لماذا يفسرونها بالإرادة ؟ لأنهم يثبتون الإرادة فهم إما أن يفسروا هذا الشيء بالمفعول المنفصل عن الله وهو الانتقام أو بالإرادة لأنهم يقرون بها ولا يفسرونه بأنه صفة ثابتة لله على وجه الحقيقة تليق به .
ونحن نقول لهم : بل السخط والغضب غير الانتقام والانتقام نتيجة الغضب والسخط كما نقول إن الثواب نتيجة إيش ؟ الرضى فالله تعالى يسخط على هؤلاء القوم ويغضب عليهم ثم ينتقم منهم .
طيب إذا قالوا : إن العقل يمنع ثبوت السخط والغضب لله عز وجل فإننا نجيبهم بما سبق في صفة الرضى لأن الباب واحد ونقول : بل العقل يدل على السخط والغضب فإن الانتقام من المجرمين وتعذيب الكافرين دليل على إيش ؟ على السخط والغضب وليس دليلا على الرضى ولا على انتفاء الغضب والسخط ونقول هذه الآية : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ترد عليكم لأنه جعل الانتقام إيش ؟ غير الغضب لأن الشرط غير المشروط بقي أن يقال : (( فَلَمَّا آسَفُونَا )) نحن نعرف أن الأسف والحزن والندم على شيء مضى على النادم لا يستطيع رفعه فهل يوصف الله بالحزن والندم ؟ لا إذا كيف نجيب عن الآية ؟ نقول : إن الأسف في اللغة له معنيان :
المعنى الأول : الأسف بمعنى الحزن مثل قول يعقوب : (( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ )) .
ويطلق الأسف على الغضب فيقال: أسف عليه يأسف بمعنى غضب عليه، والمعنى الأول منتف بالنسبة لله عز وجل والثاني مثبت لله لأن الله تعالى وصف به نفسه (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
طيب الغضب والسخط والرضى من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئته .
وقوله : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) يعني بذلك المنافقين الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات لأن الله تعالى كره انبعاثهم لأن عملهم غير خالص له والله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك ولأنهم إذا خرجوا كما قال الله تعالى : (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ )) وإذا كانوا غير مخلصين وكانوا مفسدين فإن الله سبحانه وتعالى يكره الفساد ويكره الشرك فـ (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ )) يعني جعل هممهم تنتقض عن الخروج في الجهاد (( وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) قيل يحتمل أن الله قال ذلك كونا اقعدوا مع القاعدين فقعدوا، ويحتمل أن بعضهم يقول لبعض اقعد مع القاعدين ففلان لم يخرج فلان لم يخرج فلان لم يخرج ممن عذرهم الله عز وجل،كالمريض والأعمى والأعرج ويقولون : إذا قدم النبي عليه الصلاة والسلام اعتذرنا إليه واستغفر لنا وكفانا فالقيل هنا مبهم الفعال فيحتمل أنه الله فحينئذ يحمل على القول الكوني ولا الشرعي ؟ الكوني لأن الله لا يقول شرعا اقعدوا عن الجهاد، ويحتمل أنه قول بعضهم لبعض ويمكن أن نقول نجمع بين القولين لأنه إذا قيل لهم ذلك وقعدوا فهم ما قعدوا إلا بقول الله عز وجل .
طيب هنا في الآية من صفات الله (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) ففيها إثبات الكره لله فإن الله يكره عز وجل وهذا أيضاً ثابت في الكتاب والسنة : قال الله تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيَّاهُ )) إلى قوله (( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) وكما في هذه الآية التي معنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كره لكم قيل وقال ) فالكراهة ثابتة بالكتاب والسنة أن الله تعالى يكره، وكراهة الله سبحانه وتعالى للشيء قد تكون للعمل كما في الآية : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) كما في قوله : ((كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) نعم وتثبت أيضا للعامل كما جاء في الحديث : ( إن الله تعالى إذا أبغض عبداً نادى جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه ) فالله تعالى يبغض من يستحق وما يستحق البغض .
الطالب : ... .
الشيخ : لا لا، هذه في سورة القتال (( أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) يعني فكيف تكون حالهم في تلك اللحظات إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت أو عند الوفاة ؟
(( ذَلِكَ )) إيش الوفاة ولا ضرب الوجوه والأدبار ؟ ضرب الوجوه والدبار لأن الوفاة لكل أحد .
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ )) أي بسبب لأن الباء للسببية (( اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ )) أي الذي أسخط الله فصاروا يفعلون كل ما به سخط الله عز وجل من عقيدة أو قول أو فعل أما ما فيه رضي الله (( فكَرِهُوا رِضْوَانَهُ )) فصار والعياذ بالله عاقبتهم تلك العاقبة الوخيمة أنهم عند الوفاة تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم .
في هذه الآية من صفات الله : إثبات السخط والرضى (( ما أسخط الله )) فيها دليل على أن هناك أشياء تسخط الله (( كرهوا رضوانه )) فيه دليل على أن هناك أشياء ترضي الله ففيه إثبات السخط وإثبات الرضى .
وكذلك في قوله : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) (( آسَفُونَا )) يعني أغضبونا وأسخطونا (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونحن نعلم أن لما هنا شرطية فعل الشرط فيها (( آسَفُونَا )) وجوابه (( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ونعلم أيضا أن الشرط غير المشروط بل هو بائن منه لأنك لو قلت إن قام زيد قام زيد لم يكن له فائدة لو كان آسفونا هنا معناها انتقمنا منهم لما انتقمنا منهم انتقمنا لم يكن له فائدة فتغاير الشرط والمشروط أمر معلوم في العقول واللغات كلها .
نأخذ من الآيات الثانية أيضا إثبات إيش ؟ إثبات الغضب ونأخذ منها الرد على من فسروا السخط والغضب بالانتقام لأن أهل التعطيل من الأشعرية وغيرهم يقولون إن المراد بالسخط والغضب الانتقام أو إرادة الانتقام ولا يفسرون السخط والغضب بصفة من صفات الله عز وجل يتصف بها هو نفسه لا يقول : غضبه أي انتقامه غضبه إرادة انتقامه أتدرون لماذا يفسرونها بالإرادة ؟ لأنهم يثبتون الإرادة فهم إما أن يفسروا هذا الشيء بالمفعول المنفصل عن الله وهو الانتقام أو بالإرادة لأنهم يقرون بها ولا يفسرونه بأنه صفة ثابتة لله على وجه الحقيقة تليق به .
ونحن نقول لهم : بل السخط والغضب غير الانتقام والانتقام نتيجة الغضب والسخط كما نقول إن الثواب نتيجة إيش ؟ الرضى فالله تعالى يسخط على هؤلاء القوم ويغضب عليهم ثم ينتقم منهم .
طيب إذا قالوا : إن العقل يمنع ثبوت السخط والغضب لله عز وجل فإننا نجيبهم بما سبق في صفة الرضى لأن الباب واحد ونقول : بل العقل يدل على السخط والغضب فإن الانتقام من المجرمين وتعذيب الكافرين دليل على إيش ؟ على السخط والغضب وليس دليلا على الرضى ولا على انتفاء الغضب والسخط ونقول هذه الآية : (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) ترد عليكم لأنه جعل الانتقام إيش ؟ غير الغضب لأن الشرط غير المشروط بقي أن يقال : (( فَلَمَّا آسَفُونَا )) نحن نعرف أن الأسف والحزن والندم على شيء مضى على النادم لا يستطيع رفعه فهل يوصف الله بالحزن والندم ؟ لا إذا كيف نجيب عن الآية ؟ نقول : إن الأسف في اللغة له معنيان :
المعنى الأول : الأسف بمعنى الحزن مثل قول يعقوب : (( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ )) .
ويطلق الأسف على الغضب فيقال: أسف عليه يأسف بمعنى غضب عليه، والمعنى الأول منتف بالنسبة لله عز وجل والثاني مثبت لله لأن الله تعالى وصف به نفسه (( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ )) .
طيب الغضب والسخط والرضى من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئته .
وقوله : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) يعني بذلك المنافقين الذين لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات لأن الله تعالى كره انبعاثهم لأن عملهم غير خالص له والله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك ولأنهم إذا خرجوا كما قال الله تعالى : (( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ )) وإذا كانوا غير مخلصين وكانوا مفسدين فإن الله سبحانه وتعالى يكره الفساد ويكره الشرك فـ (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ )) يعني جعل هممهم تنتقض عن الخروج في الجهاد (( وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )) قيل يحتمل أن الله قال ذلك كونا اقعدوا مع القاعدين فقعدوا، ويحتمل أن بعضهم يقول لبعض اقعد مع القاعدين ففلان لم يخرج فلان لم يخرج فلان لم يخرج ممن عذرهم الله عز وجل،كالمريض والأعمى والأعرج ويقولون : إذا قدم النبي عليه الصلاة والسلام اعتذرنا إليه واستغفر لنا وكفانا فالقيل هنا مبهم الفعال فيحتمل أنه الله فحينئذ يحمل على القول الكوني ولا الشرعي ؟ الكوني لأن الله لا يقول شرعا اقعدوا عن الجهاد، ويحتمل أنه قول بعضهم لبعض ويمكن أن نقول نجمع بين القولين لأنه إذا قيل لهم ذلك وقعدوا فهم ما قعدوا إلا بقول الله عز وجل .
طيب هنا في الآية من صفات الله (( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) ففيها إثبات الكره لله فإن الله يكره عز وجل وهذا أيضاً ثابت في الكتاب والسنة : قال الله تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيَّاهُ )) إلى قوله (( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) وكما في هذه الآية التي معنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كره لكم قيل وقال ) فالكراهة ثابتة بالكتاب والسنة أن الله تعالى يكره، وكراهة الله سبحانه وتعالى للشيء قد تكون للعمل كما في الآية : (( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ )) كما في قوله : ((كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً )) نعم وتثبت أيضا للعامل كما جاء في الحديث : ( إن الله تعالى إذا أبغض عبداً نادى جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه ) فالله تعالى يبغض من يستحق وما يستحق البغض .