شرح قول المصنف :وقوله : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) حفظ
الشيخ : هذه (( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة وجوه يومئذٍ )) يعني بذلك يوم الآخرة (( ناضرة إلى ربها ناظرة )) (( ناضرة )) أي حسنة من النضارة بالضاد وهي الحسن فهي ناضرة أي حسنة لقوله تعالى : (( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً )) أي حُسنا في وجوههم وسرورا في قلوبهم فيقول هنا - تقدم يا حسين - : (( وجوه يومئذ ناضرة )) أي حسنة (( إلى ربها ناظرة )) (( إلى ربها ناظرة )) ناظرة الأخرى بالظاء بالظاء (( إلى ربها ناظرة )) من النظر وهنا عدى النظر بإلى الدالة على الغاية وهو نظر صادر من الوجوه صادر من الوجوه والنظر الصادر من الوجوه يكون بأي شيء ؟ بالعين يكون بالعين النظر الصادر من الوجوه يكون بالعين، النظر الصادر من القلوب يكون
الطالب : بالعلم
الشيخ : بالبصيرة والتدبر والتفكر فهنا صدر النظر من الوجوه إلى مَن؟ إلى الرب عز وجل (( إلى ربها )) فتفيد الآية الكريمة أن هذه الوجوه الناضرة الحسنة ... فضلك، تنظر إلى ربها عز وجل فتزداد حسنا إلى حسنها تزداد حسنا على حنها وانظر كيف جعل هذه الوجوه مستعدة متهيئة للنظر لله عز وجل لكونها
الطالب : ناضرة
الشيخ : لكونها ناضرة حسنة متهيئة للنظر إلى وجه الله طيب
إذن نقول هذه الآية فيها دليل على أن الله عز وجل يُرى بالأبصار يرى بالأبصار وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى يُرى بالبصر واستدلوا لذلك بالآيات التي ساقها المؤلف واستدلوا بالأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترة ما هي بآحاد متواترة نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابة كثيرون وعن هؤلاء الصحابة تابعون كثيرون وعن التابعين تابعوا تابعين كثيرون وهكذا وأنشدوا في هذا المعنى :
"مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذي بعض "

الشاهد قوله : "ورؤية" أهل السنة والجماعة يقولون إن النظر هنا بالبصر حقيقة وهل النظر يلزم منه الإدراك ؟ لا، لأن الله يقول : (( لا تدركه الأبصار )) كما أن العلم بالقلب لا يلزم منه الإدراك قال الله تعالى: (( ولا يحيطون به علماً )) نحن نعلم ربنا بقلوبنا لكن لا ندرك كيفيته وحقيقته نرى ربنا بأبصارنا ولكن لا تُدركه أبصارنا (( لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) طيب
خالف أهلَ السنة في ذلك أهلُ التعطيل، وقالوا : إن الله لا يمكن أن يُرى لأن الله ليس بجسم والذين ينكرون العلو يقولون إن الله لا يُرى لأنه ليس فوق العالم ولا تحته ولا يمينه ولا شماله ولا فوق إلى آخره كيف يرونه ؟ من أين يرونه؟ عرفتم؟ ويحرفون الكلم عن مواضعه في النصوص.
حُجتهم: قالوا نحن نحتج عليكم بالقرآن والعقل يعني بالدليل السمعي والدليل العقلي على أن الله لا يُرى
طيب هاتوا برهانكم ، قالوا استمع : (( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) قالوا فقال : (( لن تراني )) وهذا دليل على استحالة الرؤية، لأن (( لن )) للنفي لن للنفي، والنفي خبر لا يدخله النسخ لأنه لو دخله النسخ لكان هذا تكذيباً لخبر الله انتبه : إذا كان لا يدخله النسخ فإن رؤية الله تكون أيش؟
الطالب : مستحيلة
الشيخ : مستحيلة ولا لا ؟
الطالب : مستحيلة
الشيخ : لأن الله قال: (( لن تراني )) خلاص مستحيل، لو فرض أن أحداً ادعى أن الله يُرى لكان هذا تكذيباً لقوله : (( لن تراني )) والخبر في كذب الله محال إذن فالرؤية محالة، رؤية الله محالة طيب يا جماعة الآيات الي معنا والأحاديث قالوا نعم (( وجوه يومئذ ناضرة إلى )) (( إلى )) جمع ألاء بمعنى نعم يعني ناظرة نعم ربها (( إلى ربها )) يعني ناظرة
الطالب : نعم ربها
الشيخ : نعم ربها، هذا تحريف تحريف يضحك منه السفهاء الصبيان يضحكون منه
قال الآخرون وهم أحسن تحريفا من هؤلاء قالوا : (( إلى ربها )) أي إلى ثواب ربها ناظرة إلى ثواب ربها ناظرة، يعني أنها هي حسنة الوجوه وكذلك أيضاً تنظر إلى ثواب ربها من الأنهار المطردة من الماء واللبن والعسل والخمر والأشجار (( فيها من كل فاكهة زوجان )) فإذا نظرت إلى هذا النعيم وهذا الثواب نعم ازدادت سروراً ولا لا؟ وازدادت حسناً أما لى ربها نفسه لا شف كيف الآن التأويل؟
طيب قالوا إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( إنكم سترون ربكم )..
قلنا لهم نحن إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ) قالوا نعم هذا معناه قوة اليقين قوة اليقين ، لأن الإنسان إذا قَوي يقينُه في الشيء صار كأنه
الطالب : يراه
الشيخ : يراه بعينه الإحسان أن تعبد الله ها
الطالب : كأنك تراه
الشيخ : كأنك تراه كأنك تراه فإذن ( ترون ربكم كما ترون القمر ) يعني معناه قوة اليقين عرفتم؟ طيب نحن سنجيبهم إن شاء الله تعالى هذا عن أدلتهم
قال هل السنة والجماعة نحن نقول: بما دلت عليه آيات الله وسنة رسوله، أما ما استدللتم به من الأدلة السمعية والعقلية فنجيبكم عنها بحول الله قالوا أي أهل السنة : إن قوله تعالى لن تراني ليس فيها دليل على النفي المؤبد يعني لن تراني أبداً بل المعنى لن تراني حال سؤالك الرؤيا ، يعني في الدنيا لأن الإنسان في الدنيا لا يقوى على رؤية الله عز وجل لضعف ها
الطالب : قوته
الشيخ : قوتِه وبدنه ولن لا تقتضي التأبيد لا تقتضي التأبيد ، تأتي في اللغة للنفي لكن قد يكون النفي فيها مقيداً نعم كقوله تعالى: (( ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم )) شف هذي مؤكدة لن يتمنوه أبداً ومع ذلك يقول عنهم (( ونادوا يا مالك ليقضي علينا ربك )) تمنوا الموت ولا لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : تمنوا الموت صارت لن للتأبيد ولا لغير التأبيد ؟
الطالب : لغير التأبيد
الشيخ : لغير التأبيد فنحن نقول إن كلام ربنا لا يكذب وخبره لا بد أن يكون ولا يمكن لموسى ولا لغير موسى في الدنيا أن يرى الله أبداً ولهذا كان الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرى ربه ليلة المعراج نعم
بهذا سقط استدلالهم بالآية سقط استدلالهم بالآية
ثانيا نقول: في الآية ما يدل على بطلان قولكم يعني فيها دليل إيحابي، لأن إجابتنا الأولى دفاع الآن نبي نهجم عليهم من الآية وأنتم تعرفون أن الأدلة كالأسلحة ما هي ؟
الطالب : دفاعية
الشيخ : هجومية ودفاعية ففي الأول دافعنا عن استدلالهم وقلنا ما يدل على أن النفي مؤبَد لن لا تدل على النفي المؤبد وذكرتُ لكم مثالاً نعم ، وابن مالك يقول:
" ومن رأى النفي بلن مؤبدا *** فقوله اردد وسواه فاعضدا "
أيكم يحفظه ؟
الطالب : أنا
الشيخ : من الآن من الآن أبي من الآن
"ومن رأى النفي بلن مؤبدا *** فقوله اردد وسواه فاعضدا "
الطالب : شيخ
الشيخ : نعم، من الآن يا خليل؟ يلا
الطالب : ومرء النفي بلن مؤبداً فقوله
الشيخ : قوله
الطالب : فقوله
الشيخ : فقوله
نمشي الآن ؟ قلنا سنهاجمكم مهاجمة في الآية بالآية التي أنتم استدللتم بها على قولكم كيف؟ (( قال موسى رب أرني أنظر إليك )) فسؤال موسى الرؤية يدُل على أنه يعلم أنها مستحيلة أو أنها ممكنة؟
الطالب : ممكنة
الشيخ : أنها ممكنة ؟
الطالب : نعم
الشيخ : وجه ذلك لو علم أنها مستحيلة
الطالب : ما سأل
الشيخ : ما سأل ، فموسى أعلم بالله منكم بلا شك فسأل الرؤية ولو كان يعلم أنها مستحيلة ما سألها لأنك لو سألت الله شيئاً مستحيلاً لكنت معتدياً في الدعاء ولا لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : إي نعم، إذن الحمد لله صار في الآية
الطالب : دليل عليهم
الشيخ : دليل عليهم، وهذا يمكن أن نجعله شاهدا لقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه الكتاب العظيم الذي لم يؤلِّف أحد مثله وهو *درء تعارض العقل والنقل* المعروف باسم *كتاب العقل والنقل* وهو كتاب عظيم قال : "إني أنا مستعد لكل إنسان يستدل بدليل صحيح على باطل أن أجعل هذا الدليل دليلاً عليه " - سبحان الله - أقلبه ويكون دليلا عليه، وهذا صحيح إذا تأملته كل من استدل على باطل بدليل صحيح إذا تأملت الدليل وجدتَه دليلا عليه وليس له طيب
الدليل السمعي الدليل السمعي قصدي العقلي على امتناع الرؤية يقولون إنك إذا رأيت الله إذا قلنا بجواز الرؤية لزم أن يكون جسماً لزم أن يكون جسماً نعم ، والأجسام
الطالب : متماثلة
الشيخ : متماثلة ،وهذا تكذيب لقوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) ليش؟ نقول لهم إن كان يلزم من جواز رؤية الله عز وجل أن يكون جسما نعم فليكن، ليش؟ لأن لازم قول الله ورسوله حق ولكن لا يلزم أن يكون هذا الجسم كالأجسام المخلوقة، لا يلزم هذا ، كما أنكم أنتم تقولون لله ذات لا تُشبه الذوات، فنحن نقول إذا كان يلزم أن يكون جسما فله جسم لا يشبه الأجسام لأن أجسام المخلوق حادثة بعد أن لم تكن مكونة من أيش؟ من أجزاء لا يقوم بعضها إلا ببعض أو لا ؟ لكن الخالق عز وجل ليس جسما بهذا المعنى أبداً، ليس جسما بهذا المعنى أبداً، وحينئذٍ نقول لهم هذا اللازم الذي ذكرتموه إن كان لازما من النص فهو حق ، وإن لم يكن لازما فلا تلزموننا به ويكفينا أن نمنع كما مر.
أما اجوبتهم عن أدلتنا بقولهم: (( إلى ربها )) أي إلى ثوابه منتظرة ، فنقول بكل بساطة هذا خلاف النص وخلاف إجماع السلف، السلف مجمعون إجماعاً قطعياً على أن الله عز وجل يُرى بدلالة الكتاب والسنة، ولكن لا يُحاط به .
هم استدلوا أيضا بآية أخرى غير قصة موسى استدلوا بقوله تعالى : (( لا تدركه الأأبصار )) (( لا تدركه الأأبصار )) ولكن هذا في الحقيقة استدلال ضعيف جداً لماذا ؟ لأن نفي الإدراك يدل على وجود أصل الرؤية فيكون بالحقيقة دليلاً
الطالب : عليهم
الشيخ : عليهم ، لأنه لو كان لا يُرى أبدا لقال: لا تراه الأبصار ولم يقل: (( لا تدركه )) ففي الآية إذن دليل عليهم ولهذا استدل بها بعض أهل السنة على رؤية الله وقال إن هذه الآية دليل واضح على الرؤية لأن نفي الأخص يستلزم وجود الأعم وإلا لكان نفي الأخص من باب الإيهام صح ولا لا؟
الطالب : صحيح
الشيخ : طيب أنت لو قلت مثلاً ليس في هذه الحجرة حيوان دخل في ذلك أنه ليس فيها بقر ولا غنم ولا غيره واضح ؟ لكن لو تقول ليس فيها بقر
الطالب : ...
الشيخ : قد يكون فيها هذا مع أنها أجسام ما هي معاني أما مسألة الإدراك والرؤية فهي معنى فإذا نفينا الأخص لزم وجود الأعم طيب نستمر الآن في ذكر الآيات يقول: (( وجه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ))