شرح قول المصنف : وتنشر الدواوين - وهي صحائف الأعمال حفظ
الشيخ : ثم انتقل المؤلف إلى مشهد آخر، وهو صحائف الأعمال، فقال : " وتنشرُ " أي : تفرق.
" الدواوين ": جمع ديوان، والديوان هو السجل الذي تكتب فيه الأعمال، ومنه دواوين بيت المال، وما أشبه ذلك.
فتنشر الدواوين، قال: " وهي صحائف الأعمال ".
من الذي كتبها؟ كتبها الملائكة الموكلون بأعمال بني آدم (( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )).
فيكتب هذا العمل، ويكون لازما للإنسان في عنقه، فإذا كان يوم القيامة، أخرج الله هذا الكتاب وقال له : (( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )). الله أكبر!
قال بعض السلف : " لقد أنصفك من جعلك حسيباً على نفسك ". وهذا صحيح الإنسان الي يقول خذ الدفتر وأنت حاسب نفسك. لا شك أن هذا هو الإنصاف، يعني ليس هو الذي يحاسب. أنت حاسب نفسك بما كتب عليك. ولا يمكن لأي إنسان أن ينكر، وإذا أنكر الكفار وقالوا : (( والله ربنا ما كنا مشركين فاليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعملون ))، وكذلك جلودهم تنطق وتشهد (( قالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) . فالإنسان أمام هذا المكتوب لا يمكن أن ينكر وإذا أنكر فإن أعضاءه وجلده تشهد عليه. نعم. (( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين )).
تنشر هذه الدواوين وهي صحائف الأعمال.
والكتابة فيها: إما حسنات، وإما سيئات. فما الذي يكتب من الحسنات؟ يكتب من الحسنات ما عمله الإنسان، ما عمله كتب، وما هم به، وما نواه. نعم كله يكتب.
فأما ما عمله، فظاهر أنه يكتب.
وأما ما نواه، فإنه يكتب، لكن يكتب له أجر النية كاملة فقط، كما في الحديث الصحيح في قصة الرجل الذي كان له مال ينفقه في سبيل الله، فقال الرجل الفقير : لو أن عندي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فهو بنيته، فهما في الأجر سواء ) حسب نيته، لا عمله.
ويدل على أنهما ليسا سواء في الأجر من حيث العمل: أن فقراء المهاجرين لما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا : يا رسول الله! إن أهل الدثور سبقونا، فقال لهم : ( تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين )، فلما سمع الأغنياء بذلك، فعلوا مثله، فرجع الفقراء يشكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )، ولم يقل: إنكم بنيتكم أدركتم عملهم، ولأن هذا هو العدل، فرجل لم يعمل لا يكون كالذي عمل ونفع الناس، لكنه بنيته يكون مثله بالنية.
الثالث : إذا همّ بالشيء وسعى بأسبابه ولكنه لم يدركه فهذا يكتب له الأجر كاملا لقوله تعالى : (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )).
وهذه بشرى لطلبة العلم، إذا نوى الإنسان أنه يطلب العلم وهو يريد أن ينفع الناس بعلمه ويذب عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وينشر دين الله في الأرض، ثم لم يقدر له ذلك، بأن مات مثلاً، وهو في عمله وطلبه، فإنه يكتب له الأجر أجر ما نواه وسعى له، لأن هذا الرجل سعى وفعل السبب لكن الله عز وجل بحكمته لم يبلغه مقصوده، فالذي حال بينه وبين مقصوده هو الله عز وجل بأمر لا اختيار للإنسان فيه يكمل له الأجر. (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )).
بل إنّ الإنسان إذا كان من عادته العمل، وحيل بينه وبينه لسبب، فإنه يكتب له أجره. قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من مرض أو سافر، كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيماً ).
كل هذا يكتب للإنسان، العمل الذي نفذه، والذي سعى به ولم يدركه، والذي نواه ولكن لم يسع به لأنه ما عنده آلة يسعى بها حتى يقال إن أجره يكمل له.
وبالنسبة للسيئات، السيئات نفس الشيء. يكتب على الإنسان ما عمله، ويكتب عليه أيضا، يكتب على الإنسان ما عمله، ويكتب عليه ما أراده وسعى فيه ولم يدركه، ويكتب عليه ما نواه.
الأول : واضح. رجل هم بالسرقة فسرق، هم بالزنا فزنى، هم بشرب الخمر فشرب الخمر. فيكتب عليه هذا الشيء.
الثاني : سعى فيه لكن لم يدركه يكتب عليه كاملاً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله ! هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال : لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ). ولهذا معه خنجر أو سكين يريد أن يقتل لكن عجز.
ومثله من هم أن يشرب الخمر، صلح الخمر ولكن حصل له مانع، بأن حضره ناس ما يستطيع أن يشرب الخمر عندهم، فهذا يكتب له أو يكتب عليه الوزر كاملاً، لأنه سعى فيه.
الثاني: الذي نواه فهذا يكتب له، لكن بالنية، ومنه الحديث الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن رجل أعطاه الله مالاً فكان يتخبط فيه، فقال رجل فقير: لو أن لي مال فلان، لعملت فيه عمل فلان. قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فهو بنيته، فهما في الوزر سواء ). يعني بالنية.
اش قلنا الثالث؟ الثالث. هذا النية نعم. صحيح هذا ثلاثة. فعل وأراد وسعى بالسبب في العمل لكنه لم يتم، ونوى.
طيب، لو أنه هم بالسيئة، ولكن تركها فهل يؤجر؟ نقول : هذا على ثلاثة أقسام :
إن تركها عجزا، فهو كالعامل إذا سعى فيها.
وإن تركها لله، كان مأجوراً.
وإن تركها لأن نفسه عزفت عنها، لا لله ولا عجزا فهذا لا إثم عليه ولا أجر لأنه ما تركها لله ولا تركها عجزا.
المهم أن هذه الأشياء تكتب.
والله عز وجل يجزي بالحسنات أكثر من العمل، ولا يجزي بالسيئات إلا مثل العمل، قال تعالى : (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا )).
وهذا من كرمه عز وجل ومن كون رحمته سبقت غضبه، وإلا لو أنّ الإنسان عومل بالعدل لكانت الحسنة بايش؟ بحسنة كما أن السيئة بسيئة أو لكانت السيئة بعشرة سيئات كما أن الحسنة بعشر حسنات، ولكن الله عز وجل يتفضل على عباده فيعامل المسيء بالعدل ويعامل المحسن بالفضل. طيب.
" الدواوين ": جمع ديوان، والديوان هو السجل الذي تكتب فيه الأعمال، ومنه دواوين بيت المال، وما أشبه ذلك.
فتنشر الدواوين، قال: " وهي صحائف الأعمال ".
من الذي كتبها؟ كتبها الملائكة الموكلون بأعمال بني آدم (( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ )).
فيكتب هذا العمل، ويكون لازما للإنسان في عنقه، فإذا كان يوم القيامة، أخرج الله هذا الكتاب وقال له : (( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )). الله أكبر!
قال بعض السلف : " لقد أنصفك من جعلك حسيباً على نفسك ". وهذا صحيح الإنسان الي يقول خذ الدفتر وأنت حاسب نفسك. لا شك أن هذا هو الإنصاف، يعني ليس هو الذي يحاسب. أنت حاسب نفسك بما كتب عليك. ولا يمكن لأي إنسان أن ينكر، وإذا أنكر الكفار وقالوا : (( والله ربنا ما كنا مشركين فاليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعملون ))، وكذلك جلودهم تنطق وتشهد (( قالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) . فالإنسان أمام هذا المكتوب لا يمكن أن ينكر وإذا أنكر فإن أعضاءه وجلده تشهد عليه. نعم. (( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين )).
تنشر هذه الدواوين وهي صحائف الأعمال.
والكتابة فيها: إما حسنات، وإما سيئات. فما الذي يكتب من الحسنات؟ يكتب من الحسنات ما عمله الإنسان، ما عمله كتب، وما هم به، وما نواه. نعم كله يكتب.
فأما ما عمله، فظاهر أنه يكتب.
وأما ما نواه، فإنه يكتب، لكن يكتب له أجر النية كاملة فقط، كما في الحديث الصحيح في قصة الرجل الذي كان له مال ينفقه في سبيل الله، فقال الرجل الفقير : لو أن عندي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فهو بنيته، فهما في الأجر سواء ) حسب نيته، لا عمله.
ويدل على أنهما ليسا سواء في الأجر من حيث العمل: أن فقراء المهاجرين لما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا : يا رسول الله! إن أهل الدثور سبقونا، فقال لهم : ( تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين )، فلما سمع الأغنياء بذلك، فعلوا مثله، فرجع الفقراء يشكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )، ولم يقل: إنكم بنيتكم أدركتم عملهم، ولأن هذا هو العدل، فرجل لم يعمل لا يكون كالذي عمل ونفع الناس، لكنه بنيته يكون مثله بالنية.
الثالث : إذا همّ بالشيء وسعى بأسبابه ولكنه لم يدركه فهذا يكتب له الأجر كاملا لقوله تعالى : (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )).
وهذه بشرى لطلبة العلم، إذا نوى الإنسان أنه يطلب العلم وهو يريد أن ينفع الناس بعلمه ويذب عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وينشر دين الله في الأرض، ثم لم يقدر له ذلك، بأن مات مثلاً، وهو في عمله وطلبه، فإنه يكتب له الأجر أجر ما نواه وسعى له، لأن هذا الرجل سعى وفعل السبب لكن الله عز وجل بحكمته لم يبلغه مقصوده، فالذي حال بينه وبين مقصوده هو الله عز وجل بأمر لا اختيار للإنسان فيه يكمل له الأجر. (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )).
بل إنّ الإنسان إذا كان من عادته العمل، وحيل بينه وبينه لسبب، فإنه يكتب له أجره. قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من مرض أو سافر، كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيماً ).
كل هذا يكتب للإنسان، العمل الذي نفذه، والذي سعى به ولم يدركه، والذي نواه ولكن لم يسع به لأنه ما عنده آلة يسعى بها حتى يقال إن أجره يكمل له.
وبالنسبة للسيئات، السيئات نفس الشيء. يكتب على الإنسان ما عمله، ويكتب عليه أيضا، يكتب على الإنسان ما عمله، ويكتب عليه ما أراده وسعى فيه ولم يدركه، ويكتب عليه ما نواه.
الأول : واضح. رجل هم بالسرقة فسرق، هم بالزنا فزنى، هم بشرب الخمر فشرب الخمر. فيكتب عليه هذا الشيء.
الثاني : سعى فيه لكن لم يدركه يكتب عليه كاملاً، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله ! هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال : لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ). ولهذا معه خنجر أو سكين يريد أن يقتل لكن عجز.
ومثله من هم أن يشرب الخمر، صلح الخمر ولكن حصل له مانع، بأن حضره ناس ما يستطيع أن يشرب الخمر عندهم، فهذا يكتب له أو يكتب عليه الوزر كاملاً، لأنه سعى فيه.
الثاني: الذي نواه فهذا يكتب له، لكن بالنية، ومنه الحديث الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن رجل أعطاه الله مالاً فكان يتخبط فيه، فقال رجل فقير: لو أن لي مال فلان، لعملت فيه عمل فلان. قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فهو بنيته، فهما في الوزر سواء ). يعني بالنية.
اش قلنا الثالث؟ الثالث. هذا النية نعم. صحيح هذا ثلاثة. فعل وأراد وسعى بالسبب في العمل لكنه لم يتم، ونوى.
طيب، لو أنه هم بالسيئة، ولكن تركها فهل يؤجر؟ نقول : هذا على ثلاثة أقسام :
إن تركها عجزا، فهو كالعامل إذا سعى فيها.
وإن تركها لله، كان مأجوراً.
وإن تركها لأن نفسه عزفت عنها، لا لله ولا عجزا فهذا لا إثم عليه ولا أجر لأنه ما تركها لله ولا تركها عجزا.
المهم أن هذه الأشياء تكتب.
والله عز وجل يجزي بالحسنات أكثر من العمل، ولا يجزي بالسيئات إلا مثل العمل، قال تعالى : (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا )).
وهذا من كرمه عز وجل ومن كون رحمته سبقت غضبه، وإلا لو أنّ الإنسان عومل بالعدل لكانت الحسنة بايش؟ بحسنة كما أن السيئة بسيئة أو لكانت السيئة بعشرة سيئات كما أن الحسنة بعشر حسنات، ولكن الله عز وجل يتفضل على عباده فيعامل المسيء بالعدل ويعامل المحسن بالفضل. طيب.