شرح قول المصنف : فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنةوأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم حفظ
الشيخ : يقول : " فإذا عبروا عليه وُقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض ".
" القنطرة " هي الجسر، لكنها جسر صغير.
واختلف العلماء في هذه القنطرة، هل هي طرف الجسر الذي على جهنم، أو هي جسر مستقل؟!
والصواب في هذا أن نقول : الله أعلم، وليس يعنينا شأنها، هل هي طرف الجسر الذي على جهنم أو هي جسر مستقل؟ الذي يعنينا أن الناس يوقفون عليها.
" فيقتص لبعضهم من بعض " وهذا القصاص غير القصاص الأول الذي في عرصات القيامة، لأن هذا قصاص أخص، قصاص من أجل أن يذهب الغل والحقد والبغضاء التي في قلوب الناس، فيكون هذا بمنزلة التنقية والتطهير، وذلك لأن ما في القلوب لا يزول بمجرد القصاص ولا لا؟ يعني لو أن أحدا من الناس ظلمك في مالك وبعد الدعوى رد عليك مالك، سلم هو من الإثم، ولكن هل يبقى لهذا الظلم آثار في النفس؟ نعم، الغالب إنه يبقى، وكذلك لو اعتدى عليك بضرب واقتصصت منه، ثم سلم من الإثم، لكن يبقى في النفس شيء.
فهذه القنطرة التي بين الجنة والنار، يقتص لبعضهم من بعض من أجل ايش؟ تنقية ما في القلوب حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل، كما قال الله تعالى : (( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )).
فإذا هُذبوا ونُقُّوا، أذن لهم في دخول الجنة.
إذا هذبوا مما في قلوبهم من العداوة والبغضاء ونقوا منها، فإنه يؤذن لهم في دخول الجنة. فإذا أذن لهم في الدخول، فهل يجدون الباب مفتوحاً؟ لا ، لا يجدونه مفتوحا؟ يجدونه مغلقا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع إلى الله في أن يفتح لهم باب الجنة.
ولهذا يقول : ( وأول من يستفتح ) لا، ( وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته صلى الله عليه وسلم ).
هو الذي يشفع إلى الله عز وجل في أن يفتح باب الجنة فيفتح، وهذا من نعمة الله على محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الشفاعة الأولى التي يشفعها في عرصات القيامة لإزالة الكروب والهموم والغموم، والثانية لنيل الأفراح والسرور، فيكون شافعاً للخلق عليه الصلاة والسلام في دفع ما يضرهم وفي جلب ما ينفعهم، في هذا وهذا.
وقلنا: إنه لا دخول إلى الجنة إلا بعد شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن ذلك ثبت في السنة وأشار إليه الله عز وجل في قوله : (( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وقال لهم خزنتها )) إلى آخره. فإنه لم يقل : حتى إذا جاءوها، فتحت، بل قال : (( وفُتحت )). وفيه إشارة إلى أن هناك شيئاً اه، قبل الفتح. أما أهل النار، فقال فيهم : (( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )). لأنهم يجدونها مهيأة والعياذ بالله لكن هذه ما تكون إلا بعد الشفاعة.