شرح قول المصنف : وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج حفظ
الشيخ : " وهم مع ذلك لا يكفرون " ، " وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر " وقبل أن نبدأ بالدرس درس هذه الليلة أحب أن نناقش فيما سبق.
.. فإن الإنسان يزداد بذلك إيمانا نعم؟ فإذا هم الإنسان بمعصية، ثم ذكر الله عز وجل وأقلع وتاب وأعرض كان ذلك زيادة في إيمانه، ولهذا وصف الله المتقين بذلك، فقال : (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم )). فتكون أسباب زيادة الإيمان اه؟ خمسة.
معرفة الله بأسمائه وصفاته، النظر في الآيات الله الكونية أو الشرعية ،كثرة العمل ، حسن العمل، ترك ،نعم، ترك المعاصي تقربا إلى الله تعالى بتركها.
وقد ذكرنا فيما سبق أن ترك المعاصي له ثلاث حالات، كذا؟ طيب.
أسباب نقص الإيمان، نعم؟
الطالب : عدم ترك المعصية.
الشيخ : عدم ترك المعصية ولا ما تخليها أخصر.
الطالب : فعل المعصية.
الشيخ : فعل المعصية فعل المعصية نعم؟
طيب، ما هي الفائدة أوالنتيجة من قولنا إن الإيمان يزيد وينقص؟
الفائدة: أن الإنسان كلما كان أزيد إيمانا كان أحب إلينا من غيره، لأننا نحب الإنسان لإيمانه والحكم المعلق بوصف يزيد بزيادته وينقص بنقصه، لا تظنوا أنا ندرس هذا الشيء دراسة نظرية نقول الإيمان يزيد بكذا وينقص بكذا، إننا ندرسها دراسة نظرية ودراسة تطبيقية يترتب عليها الولاء قوة ويش بعد؟ وضعفا، قوة وضعفا، فكلما رأينا الإنسان يقوم بأسباب الزيادة زيادة الإيمان فإنه أحب إلينا من شخص يقوم بماذا؟ بأسباب النقص.
وهذه هي الفائدة التربوية التي نستفيدها من هذا البحث، من قولنا إن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، واضح يا جماعة؟
طيب، قال المؤلف رحمه الله : " وهم مع ذلك " هم الضمير يعود على أهل السنة، " مع ذلك " يعني: مع قولهم: إن الإيمان يزيد وينقص إلى آخره.
وقبل أن نتكلم على هذه الجملة نحب أن نفهم من الذي خالف أهل السنة والجماعة في القول بالزيادة والنقصان.
نقول: خالفهم في ذلك طائفتان : الطائفة الأولى المرجئة، والطائفة الثانية: الخوارج والمعتزلة، وهم الذين يطلق عليهم اسم الوعيدية.
فخالفهم المرجئة ويش بعد؟ والوعيدية.
المرجئة قالوا : إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأن المرجئة يخرجون الأعمال والأقوال من الإيمان، يقولون ليست من الإيمان، الإيمان هو الاعتراف بالقلب، والاعتراف لا يزيد ولا ينقص، الاعتراف لا يزيد ولا ينقص.
أنا أؤمن مثلا بأن الواحد نصف الإثنين لا يزيد إيماني بذلك ولا ينقص، أؤمن بأن هذا من ورق أبيض مكتوب عليه إيمانا لا يزيد ولا ينقص.
فالإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص، لأنهم يخرجون الأعمال منه، ويقولون إن الإقرار بالقلب لا يزيد ولا ينقص.
ونحن نرد عليهم فنقول : أولا إخراجكم الأعمال من الإيمان ليس بصحيح، فإن الأعمال داخلة في الإيمان، وقد سبق ذكر ايش؟ ذكر الدليل.
ثانياً : قولكم : إن الإقرار بالقلب لا يختلف زيادة ونقصا، هذا ليس بصحيح، بل الإيمان بالقلب يتفاضل، فهل يمكن لأحد أن يقول إن إيماني كإيمان أبي بكر؟ أبدا لا يمكن، بل يتعدى فيقول : إن إيماني كإيمان الرسول عليه الصلاة والسلام، يمكن هذا؟ لا يمكن.
ثم نقول : إن العلم القائم بالقلب يقبل التفاضل، نعم؟ فعلمي بخبر زيد أقل من علمي بخبر زيد وعمرو ولا لا؟ إذا أخبرني زيد بكذا وهو صادق وثقة عندي علمته وآمنت به، فإذا جاءني آخر وأخبرني بنفس الخبر ازداد يقيني ولا لا؟ ازداد يقيني وإيماني، وإذا شاهدته أنا بعيني ازداد يقيني، ألم تسمعوا قول إبراهيم : (( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ))
فهذا دليل على أن الإيمان الكائن في القلب يقبل الزيادة والنقص.
الطائفة الثانية المخالفة لأهل السنة طائفة الوعيدية. وهذه تتكون من الخوارج والمعتزلة، وسموا وعيدية، لأنهم يقولون بأحكام الوعيد دون أحكام الوعد، يعني : يغلبون نصوص الوعيد على نصوص الوعد.
لكن الخوارج يقولون : الإيمان لا يزيد ولا ينقص إما أن يوجد كله وإما أن يعدم كله، إما أن يوجد كله وإما أن يعدم كله. ففاعل الكبيرة عندهم ليس ناقص الإيمان، بل إيمانه منتف ما عنده إيمان.
وعند المعتزلة يقولون: إن فاعل الكبيرة لا يخرج من، نعم، لا يدخل في الكفر ولكنه خارج من الإيمان، فهو في منزلة بين منزلتين، والإيمان لا يزيد ولا ينقص، إما أن يوجد كله وإما أن يعدم كله.
فهاتان الطائفتان خالفتا أهل السنة والجماعة، وأما أهل السنة والجماعة فيقولون إن الإيمان يزيد وينقص مع بقاء أصله.
قال : " وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر "
قوله : " لا يكفرون أهل القبلة " أهل القبلة هم المسلمون، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا فهو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين) فأهل القبلة يعني أهل الإسلام، لأنهم يستقبلون القبلة.
المسلم عند أهل السنة والجماعة لا يكفر بمطلق المعاصي والكبائر.
وتأمل قول المؤلف :" بمطلق المعاصي"، ولم يقل : بالمعاصي والكبائر، لأن المعاصي منها ما يكون كفراً وكذلك الكبائر. وأما مطلق المعصية، فلن يكون كفراً.
والفرق بين الشيء المطلق ومطلق الشيء : أن الشيء المطلق يعني الكمال. ومطلق الشيء، يعني : أصل الشيء _انتبه_ يعني أصل الشيء موجود لكن لا على سبيل الكمال.
فالمؤمن الفاعل للكبيرة عنده مطلق الإيمان ولا الإيمان المطلق؟ مطلق الإيمان، يعني أصل الإيمان موجود عنده، لكن كماله مفقود.
فكلام المؤلف هنا دقيق جداً رحمه الله،قال: " بمطلق المعاصي والكبائر " أما بالمعاصي المطلقة والكبائر المطلقة التي تؤدي للكفر فهم يكفرونه.
" كما يفعله الخوارج " الخوارج اش يقولون؟ يقولون : إن فاعل الكبيرة كافر، إذا زنى فهو كافر وإذا سرق فهو كافر، وإذا قتل فهو كافر وإذا شرب الخمر فهو كافر، وإذا سرق فهو كافر، كل كبيرة عندهم إذا فعلها الإنسان فهو كافر، ولهذا خرجوا على المسلمين، واستباحوا دماءهم وأموالهم، ويسهل عليهم جدا أن يقول للإنسان إنه كافر، والعياذ بالله.