شرح قول المصنف : بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال سبحانه في آية القصاص : ( فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ) وقال : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم حفظ
الشيخ : طيب. قال المؤلف : " بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي " يعني الأخوة بين المؤمنين ثابتة ولو مع المعصية. فالزاني أخ للعفيف، والسارق أخ للمستغني ولا لا؟ أي نعم. والقاتل أخ للمقتول، مع أنه فاعل للمعصية، لكن أهل السنة والجماعة لا يكفرون بمطلق المعاصي والكبائر، بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال الله تعالى في آية القصاص : (( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوف )).
ما هي آية القصاص؟ هي قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء فاتباع بالمعروف )) أخيه يعني المقتول، أخيه يعني المقتول. ومن تعني القاتل يعني أي يعني أن أيّ قاتل عفي له فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان.
ووجه الدلالة من هذه الآية أن فاعل الكبيرة لا يكفر، وجه ذلك : أن الله سمى المقتول أخاً للقاتل، مع أن القتل كبيرة من كبائر الذنوب بالإجماع، فهل انتفت الأخوة والله يقول : (( من أخيه ))؟
الجواب : لا.
وفائدة ذلك : أنني إذا رأيت عاصيا فإني لا أدع السلام عليه بل أبدأه بالسلام ولا حرج، لأن الذين نهينا عن بداءتهم بالسلام هم الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم.
أما رجل مسلم فإنه وإن كان فاسقا يجب عليّ ايش؟ أن أعامله معاملة المؤمن وإن كان المؤمن الذي لم يخلط أذى تكون معاملتي معه أقوى وولايتي له أشد، لأنه كما أسلفنا آنفا ما علق على وصف فإنه يزداد بزيادته وينقص بنقصه.
قال : " وكما قال تعالى : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا )) "
قال: (( اقتتلوا )) (( فأصلحوا بينهما )) فيه إشكال : (( اقتتلوا )) جمع، (( بينهما )) مثنى، كذا؟ (( طائفتان )) مثنى. كيف يكون مثنى وجمع ومثنى آخر والمرجع واحد؟
نقول : لأن قوله : (( طائفتان )) الطائفة عدد كبير من الناس، أليس كذلك؟ فيصح أن أقول: اقتتلوا، ولهذا قال الله تعالى يعني شاهد هذا قوله تعالى : (( وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ )) ولم يقل: لم تصل. قال : (( لمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ )) فالطائفة أمة وجماعة، ولهذا عاد الضمير إليها جمعاً (( اقتتلوا )).
(( فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله .. )).
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، وحمل السلاح بعضهم على بعض، وحمل السلاح على المؤمن بل قتال المؤمن للمؤمن، ايش؟ كفر. كذا؟ وسبابه فسوق.
ومع هذا قال الله.