تفسير قوله تعالى:" لنخرج به حباً ونباتاً. وجناتٍ ألفافاً " حفظ
(( لنخرج به حبًّا ونباتاً . وجنات ألفافاً )): أي لنخرج بهذا الماء الذي ينزل من السماء إلى الأرض فتنبت الأرض ويخرج الله به الحب بجميع أصنافه وأنواعه كالبر والشعير والذرة وغيرها. (( ونباتاً )): من الثمار كالتين والعنب، وما أشبهه. (( وجنات ألفافا )): أي بساتين ملتفاً بعضها إلى بعض، من كثرتها وحسنها وبهائها. ثم بعدما ذكر الله ما أنعم به على العباد ذكر حال اليوم الآخر وأنه ميقات يجمع الله فيه الأولين والآخرين، وسنتكلم عنه في جلسة أخرى. أسئلة. يقول الله عز وجل: (( وبنينا فوقكم سبعاً شداداً )): أي قوية متينة وهي السماوات السبع، وقد جاء ذكر السماوات مقيدة بالسبع في القرآن الكريم في قوله تعالى (( قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ))، أما الأرضون فجاءت مقيدة بهذا العدد في السنة مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:( من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من فوق سبع أراضين )، وجاءت في القرآن الكريم مقيدة بهذا العدد على وجه الإشارة في قوله تعالى:(( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن )) ، فقوله (( ومن الأرض مثلهن )) لا يتأتى فيه إلا المماثلة في العدد لأن المماثلة في الكيفية متعذرة لأن هناك فرقاً بين السماوات والأرض في الكيفية والصفة والسعة والقوة، فتبين أن يكون المراد مثلهن في العدد. ثم قال تعالى: (( وبنينا فوقكم سبعاً شداداً. وجعلنا سراجاً وهاجاً )): وقلنا هذه الشمس، لأنها سراج الأرض، والوهج: شديدة الحرارة، ودليل ذلك أننا نحس بحرارتها وبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة ولاسيما في أيام الصيف إذا كانت قريبة من الرؤوس عمودية فوقنا، ولا يخفى على أهل العلم بطبائع النبات والبحار والصحاري ما يكون من الفائدة العظيمة في هذه الحرارة على الأعيان وعلى الصفات، ولهذا أكد الله عز وجل ذلك بقوله: (( وجعلنا سراجاً وهاجاً )): أي يتوهج. (( وأنزلنا من المعصرات ماء ثجَّاجاً )) )) المعصرات)): هي السحب، وسميت معصرات لأنها بمنزلة الذي يعصر الماء من الثوب فإن هذا الماء يتخلل هذا السحاب ويخرج منه كما يخرج الماء من الثوب المعصور، قال الله تعالى: (( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ثم يجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله )) قوله)) ثجَّاجاً ((: أي كثير الثج يعني الانهمار وذلك لغزارته وقوته حتى يروي الأرض.(( لنخرج به حبًّا ونباتاً . وجنات ألفافاً )): الحب والنبات هو الزروع: وهو النبات الذي ليس له ساق. (( وجنات ألفافاً )): هي الأشجار التي لها ساق، فيخرج من هذا الماء الثجاج الزروع والنخيل والأعناب وغيرها سواء خرج منه مباشرة أو خرج منه بواسطة استخراج الماء من باطن الأرض، لأن الماء الذي في باطن الأرض هو من المطر كما قال تعالى: (( فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين )). وقال تعالى في آية أخرى: (( فسلكه ينابيع في الأرض )).
وقوله: (( ألفافاً )): أي ملتفة بعضها إلى بعض حتى إنها لتستر من فيها لكثرتها، والتفاف بعضها إلى بعض .