تفسير قوله تعالى:إن جهنم كانت مرصاداً. للطاغين مآباً " حفظ
ثم قال تعالى: (( إن جهنم كانت مرصاداً )) وندع ذلك للأسبوع القادم إن شاء الله تعالى. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم قال الله عز وجل: (( إن جهنم كانت مرصاداً )) : أي مرصدة ومعدة للطاغين، وجهنم اسم من أسماء النار التي لها أسماء كثيرة، وسميت بهذا الاسم لأنها ذات جُهمة، وظلمة بسوادها وقعرها أعاذنا الله وإياكم منها، وهي مرصاد للطاغين قد أعدها الله عز وجل لهم من الآن فهي موجودة كما قال تعالى:(( واتقوا النار التي أعدت للكافرين ))، ورآها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين عرضت عليه وهو يصلي صلاة الكسوف، ورأى فيها امرأة تعذب في هرة لها حبستها لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، ورأى فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار يعني أمعاءه، لأنه كان أول من أدخل الشرك على العرب . هذه النار يقول الله عز وجل إنها (( للطاغين مآباً ))، والطاغين جمع طاغ، وهو الذي تجاوز الحد، لأن الطغيان مجاوزة الحد، كما قال الله تعالى: (( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية )) ،أي: زاد وتجاوز حده، وتجاوز الحد يكون في حقوق الله ويكون في حقوق العباد، أما في حقوق الله عز وجل فإنه التفريط في الواجب أو التعدي في المحرم، وأما الطغيان في حقوق الآدميين فهو العدوان عليهم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم، هذه الثلاثة التي حرمها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعلن تحريمها في حجة الوداع فقال:( إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) ، فالطغاة في حقوق الله وفي حقوق العبد هم أهل النار والعياذ بالله، ولهذا قال: (( للطاغين مآباً ))، أي مكان أوب والأوب في الأصل الرجوع كما قال تعالى: (( نعم العبد إنه أواب ))، أي رجّاع إلى الله عز وجل.