تفسير قوله تعالى:" إنهم كانوا لا يرجون حساباً. وكذبوا بآياتنا كذاباً " حفظ
ثم بين وجه الموافقة أي موافقة هذا العذاب للأعمال فقال: (( إنهم كانوا لا يرجون حساباً. وكذبوا بآياتنا كِذَّاباً )) فذكر انحرافهم في العقيدة وانحرافهم في القول، (( إنهم كانوا لا يرجون حساباً )): أي لا يؤملون أن يحاسبوا بل ينكرون الحساب، ينكرون البعث يقولون: (( إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر )) فلا يرجون حساباً يحاسبون به لأنهم ينكرون ذلك، هذه عقيدة قلوبهم، أما ألسنتهم فيكذبون يقولون هذا كذب، هذا سحر، هذا جنون، وما أشبه ذلك كما تقرؤون في كتاب الله ما يصف به هؤلاء المكذبون رسل الله، كما قال عز وجل: (( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون )). وقال الله تعالى عن المكذبين لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم: (( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب )). وقالوا إنه شاعر (( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون )) ، (( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين )). ولولا أن الله ثبت أقدام الرسل وصبّرهم على قومهم ما صبروا على هذا الأمر، ثم إن قومهم المكذبين لهم لم يقتصروا على هذا بل آذوهم بالفعل كما فعلوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام من الأذية العظيمة بل آذوهم بحمل السلاح عليهم، فمن كانت هذه حاله فجزاؤه جهنم جزاءً موافقاً مطابقاً لعمله كما في هذه الآية الكريمة: (( جزاء وفاقاً. إنهم كانوا لا يرجون حساباً. وكذبوا بآياتنا كذاباً )) .