تفسير قوله تعالى:" إن للمتقين مفازاً " حفظ
إلى قول الله تعالى: (( إن للمتقين مفازاً. حدائق وأعناباً . وكواعب أتراباً... ))الخ ما ذكر الله عز وجل، هذه الآيات جاءت بعد قوله: (( إن جهنم كانت مرصاداً. للطاغين مئاباً )) ، وذلك لأن القرآن مثاني تثنى فيه الأمور، إذا ذكر فيه الثواب ذكر العقاب، وإذا ذكر العقاب ذكر الثواب، وإذا ذكرت صفات المؤمنين ذكرت صفات الكافرين، وهكذا لأجل أن يكون الإنسان حين يقرأ القرآن راغباً راهباً، إذا قرأ ما فيه ثواب المؤمنين رغب ورجا وأمل، وإذا قرأ ما فيه عقاب الكافرين خاف، ليكون سائراً إلى الله تعالى بين الخوف والرجاء، لا يأمن مكر الله، ولا ييأس من رحمة الله، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:" ينبغي أن يكون الإنسان في عبادته لربه بين الخوف والرجاء فأيهما غلب هلك صاحبه ". يقول الله عز وجل: (( إن للمتقين مفازاً ))، والمتقون: هم الذين اتقوا عقاب الله، وذلك بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، أحياناً يأمر الله بتقواه، وأحياناً يأمر بتقوى يوم الحساب، وأحياناً يأمر بتقوى النار، قال الله تعالى: (( واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار )) ، فجمع بين الأمر بتقواه والأمر بتقوى النار، وقال تعالى: (( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ))، فأمر بتقوى يوم الحساب، وكل هذا يدور على معنى واحد وهو: أن يتقي الإنسان محارم ربه فيقوم بطاعته وينتهي عن معصيته، فالمتقون هم الذين قاموا بأوامر الله واجتنبوا نواهي الله، هؤلاء لهم (( مفازاً ))، والمفاز هو مكان الفوز وزمان الفوز أيضاً، فهم فائزون في أمكنتهم، وفائزون في أيامهم.