تفسير قوله تعالى:" والناشطات نشطاً " وهم الملائكة الذين يقبضون أرواح المؤمنين حفظ
(( والناشطات نشطا )) يعني الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين، تنشطها نشطاً: أي تسلها برفق كالأنشوطة، وأظنكم تعرفون الأنشوطة: الربط الذي يسمونه عندنا " التكة " أو ما أشبه ذلك من الكلمات، يعني يكون ربطاً بحيث إذا سللت أحد الطرفين انفكت العقدة هذا ينحل بسرعة وبسهولة، فهؤلاء الملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين تنشطها نشطاً أي: تسلها برفق، وسبب ذلك أن الملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار إذا دعت الروح إلى الخروج تناديها بأقبح الأوصاف تقول الملائكة لروح الكافر: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي إلى غضب الله وما أشبه هذا من الكلام، فتنفر تنفر الروح لا تريد أن تخرج إلى هذا، وتتفرق في الجسد- والعياذ بالله -حتى يقبضوها بشدة، وينزعوها نزعاً يكاد يتمزق الجسد منها من شدة النزع. أما أرواح المؤمنين ـ جعلني الله وإياكم منهم ـ فإن الملائكة إذا نزلت لقبضها تبشرها: اخرجي أيتها النفس الطيبة ،كانت في الجسد الطيب اخرجي إلى رضوان الله، وما أشبه هذا من الكلام الذي يهون عليها أن تفارق جسدها الذي ألفته فتخرج بسهولة، ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ). قالت عائشة: يا رسول الله: كلنَّا يكره الموت، فقال: ( ليس الأمر ذلك ولكن المؤمن- يعني إذا جاءه أجله - يبشر برحمة من الله ورضوان فيحب لقاء الله )، لأنه في تلك اللحظة يرى أنه سينتقل إلى دار أحسن من الدار التي فارقها فيفرح كما يفرح أحدنا إذا قيل له أخرج من بيت الطين إلى بيت المسلح القصر المشيد الطيب، فيفرح فيحب لقاء الله، والكافر ـ والعياذ بالله ـ بالعكس إذا بشر بالغضب والعذاب فإنه يكره أن يموت، ويكره لقاء الله فيكره الله لقاءه. إذن: (( والنازعات غرقا )) : هي الملائكة التي تنزع أرواح الكفار تنزعها بشدة ، (( والناشطات نشطا )): الملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين بسهولة ويسر.