تفسير قوله تعالى:" هل أتاك حديث موسى " حفظ
ثم قال تعالى مبيناً ما جرى للأمم قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وليعلم أن قصص الله عز وجل عليه وأخبار الأمم السابقة له فوائد كثيرة وعبر عظيمة كما قال تعالى: (( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)) . فهم من ذلك تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام عما أصابه من قومه من الأذى في القول والفعل، فكأن الله يقول له: إن الرسل من قبلك قد أوذوا (( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا .و لا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين )) ، وأيضاً وكذلك إن فيها تهديداً للمكذّبين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال، قال الله تبارك وتعالى: (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ))، والعبر في القصص قصص الأنبياء كثيرة. قال الله تعالى: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى )) والخطاب في قوله (( هل أتاك )) للنبي صلى الله عليه و آله وسلم إذن و لكل من يتأتى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه، ويكون على المعنى الأول (( هل أتاك )) يا محمد، وعلى المعنى الثاني: (( هل أتاك )) أيها الإنسان (( حديث موسى )) وهو ابن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين هم: محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، وقد ذكروا - أعني هؤلاء الخمسة- في القرآن في موضعين، أحدهما في الأحزاب في قوله تعالى: (( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم )). والثاني في قوله تعالى: (( شرع لكم من الدين ما وصَّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى )). وحديث موسى عليه الصلاة والسلام ذكر في القرآن أكثر من غيره، لأن موسى هو نبي اليهود وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت قصص موسى أكثر ما قص علينا من نبأ الأنبياء وأشملها وأوسعها وفي قوله: (( هل أتاك حديث موسى )) تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.