تفسير قوله تعالى:" إنما أنت منذر من يخشاها " حفظ
(( إنما أنت منذر من يخشاها )) يعني ليس عندك علم منها ولكنك منذر، منذر من؟ (( من يخشاها )) أي يخافها وهم المؤمنون، أما من أنكرها واستبعدها وكذبها فإن الإنذار لا ينفع فيه (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )). ولهذا نقول أنت لا تسأل متى تموت ولا أين تموت لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال أمر مفروغ منه ولابد أن يكون ومهما طالت بك الدنيا فكأنما بقيت يوماً واحداً بل كما قال تعالى هنا: (( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )) ولكن السؤال الذي يجب أن يرد على النفس ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو على أي حال تموت؟! وأريد بقولي على أي حال ؟، لست أريد على أي حال تموت هل أنت غني أو فقير؟، أو قوي أو ضعيف؟، أو ذو عيال أو عقيم؟،لا، على أي حال تموت في العمل؟ هذه النقطة، فإذا كنت تساءل نفسك هذا السؤال فلابد أن تستعد، لا بد أن تستعد، لأنك لا تدري متى يفجَؤُك الموت، كم من إنسان خرج يقود سيارته ورجع به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول هيئوا لي الطعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله، وكم من إنسان لبس قميصه وزرّ أزرته ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة. كل أن تنظر الآن وتفكر على أي حال تموت، - نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة والإنابة- ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل هم فرج، ومن كل ضيق مخرج، حتى إن بعض العلماء يقول إذا استفتاك شخص فاستغفر الله قبل أن تفتيه، لأن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الهدى واستنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى: (( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً. واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً )) . وهذا استنباط جيد، أو يمكن أيضاً أن يستنبط من قوله تعالى: (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )). والاستغفار هو الهدى، لذلك أوصي نفسي وإياكم بالمراقبة، وكثرة الاستغفار، ومحاسبة النفس حتى نكون على أهبة الاستعداد لما نخشاه أن يفجأنا من الموت ـ نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة ـ.