تفسير قوله تعالى:" قتل الأنسان ما أكفره " حفظ
ثم قال جل وعلا: (( قتل الإنسان ما أكفره )) ))قتل (( تأتي في القرآن كثيراً فمن العلماء من يقول: إن معناها لعن، والذي يظهر أن معناها أُهلك، لأن القتل يكون به الهلاك وهو أسلوب تستعمله العرب في تقبيح ما كان عليه صاحبه فيقولون مثلاً: قتل فلان ما أسوأ خلقه، قتل فلان ما أخبثه وما أشبه ذلك. وقوله تعالى: (( قتل الإنسان )) قال بعض العلماء: المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة، وليس كل إنسان لقوله فيما بعد (( ما أكفره )) ويحتمل أن يكون المراد بالإنسان الجنس، لأن أكثر بني آدم كفار كما ثبت في الحديث الصحيح: أن الله يقول:( يا آدم ) يقول ذلك يوم القيامة: ( يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول له الله عز وجل: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار. فيقول: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعون ) كلهم في النار وواحد من الألف في الجنة، فيكون المراد بالإنسان هنا الجنس ويخرج المؤمن من ذلك بما دلت عليه النصوص الأخرى. وقوله: (( ما أكفره )) قال بعض العلماء إن (( ما )) هنا استفهام أي: أي شيء أكفره؟ ما الذي حمله على الكفر؟ وقال بعض العلماء: إن هذا من باب التعجب يعني ما أعظم كفره! وإنما كان كفر الإنسان عظيماً لأن الله أعطاه عقلاً، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب وأمده بكل ما يحتاج إلى التصديق، ومع ذلك كفر فيكون كفره عظيماً. والفرق بين القولين أنه على القول الأول تكون (( ما )) استفهامية أي: ما الذي أكفره؟ وعلى القول الثاني تكون تعجبية يعني عجباً له كيف كفر مع أن كل شيء متوفر لديه في بيان الحق والهدى!! والكفر هنا يشمل كل أنواع الكفر، ومنه إنكار البعث فإن كثيراً من الكفار كذبوا بالبعث، وقالوا: لا يمكن أن يُبعث الناس بعد أن كانت عظامهم رميماً كما قال تعالى: (( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم )).