تفسير قوله تعالى: " وإذا الموؤودة سئلت. بأي ذنبٍ قتلت " حفظ
(( وإذا الموءودة سُئلت . بأي ذنب قُتلت )) الموءودة هي الأنثى تدفن حية، الأنثى تدفن حية، وذلك أنه في الجاهلية لجهلهم وسوء ظنهم بالله، وعدم تحملهم يعيّر بعضهم بعضاً إذا أتته الأنثى، فإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، ممتلئ هًّما وغمًّا (( يتوارى من القوم )) يعني يختفي منهم (( من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب )). يعني إذا قيل لأحدهم نبشرك أن الله جاء لك بأنثى ـ ببنت ـ اغتم واهتم، وامتلأ من الغم والهم، وصار يفكر هل يبقي هذه الأنثى على هون وذل؟ أو يدسها في التراب ويستريح منها؟ فكان بعضهم هكذا، وبعضهم هكذا. فمنهم من يدفن البنت وهي حية، إما قبل أن تميز أو بعد أن تميز، حتى إن بعضهم كان يحفر الحفرة لبنته، فإذا أصابت لحيته، فإذا أصاب لحيته شيء من التراب نفضته عن لحيته وهو يحفر لها ليدفنها، يعني ولا يكون في قلبه لها رحمة، وهذا يدلك على أن الجاهلية أمرها سفال، فإن الوحوش تحنو على أولادها وهي وحوش، وهؤلاء لا يحنون على أولادهم . يقول عز وجل: (( وإذا الموءودة سُئلت )) تسأل يوم القيامة (( بأي ذنب قتلت )) إيش جنت، هل أذنبت؟ فإذا قال الإنسان: كيف تُسأل وهي المظلومة... هي المدفونة، ثم هي قد تدفن وهي لا تميز، ولم يجر عليها قلم التكليف، فكيف تسأل؟ قيل: إنها تُسأل توبيخاً للذي وأدها، لأنها تُسأل أمامه فيقال: بأي ذنب قُتِلْتِ أو قُتِلَتْ؟ نظير ذلك لو أن شخصاً اعتدى على آخر في الدنيا فأتوا إلى السلطان إلى الأمير فقال للمظلوم: لأي شيء ضربك هذا؟ بأي ذنب ضربك هذا الرجل؟ وهو يعرف أنه معتداً عليه ليس له ذنب. لكن من أجل التوبيخ للظالم، فالموءودة تُسأل بأي ذنب قتلت توبيخاً لظالمها وقاتلها ودافنها نسأل الله العافية.