تفسير قوله تعالى: " وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين " حفظ
(( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) يعني لا يمكن أن تشاءوا شيئاً إلا وقد شاءه الله من قبل، الآن مشيئتي الآن أن أحدثكم أن أتحدث إليكم مشيئة مني أنا لكنها ما كانت إلا بعد مشيئة الله عز جل، لو شاء الله لم أشأ، ولو شاء الله أن لا يكون الشيء ما كان ولو شئته. حتى لو شئت والله تعالى لم يشأ فإنه لن يكون، بل يقيض الله تعالى أسباباً تحول بيني وبين هذا حتى لا يقع، وهذه مسألة يجب على الإنسان أن ينتبه لها، أن يعلم أن فعله بمشيئته مشيئة تامة بلا إكراه، لكن هذه المشيئة مقترنة بمشيئة الله. يعلم أنه ما شاء الشيء إلا بعد أن شاء الله، وأن الله لو شاء ألا يكون لم يشأه الإنسان، أو شاءه الإنسان ولكن يحول الله بينه وبينه بأسباب وموانع، (( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) وهنا قال : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ولم يقل : ربكم ، إشارة إلى عموم ربوبية الله، وأن ربوبية الله تعالى عامة ولكن يجب أن تعلم أن العالمين هنا ليست كالعالمين في قوله (( إن هو إلا ذكر للعالمين )) (( ذكر للعالمين )) الأولى أنها هي المراد بها، إيش؟ لا،من أُرسل إليهم الرسول، أما هنا (( رب العالمين )) فالمراد بالعالمين كل من سوى الله، فكل من سوى الله فهو عالم، لأنه ما ثمّ إلا رب ومربوب، فإذا قيل رب العالمين تعيّن أن يكون المراد بالعالمين كل من سوى الله، كما قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ: " وكل من سوى الله فهو عالم، وأنا واحد من ذلك العالم " . فالحاصل أن هذه السورة سورة عظيمة، فيها تذكرة وموعظة ينبغي للمؤمن أن يقرأها بتدبر وتمهل، وأن يتعظ بما فيها، كما أن الواجب عليه في جميع سور القرآن وآياته أن يكون كذلك حتى يكون ممن اتعظ بكتاب الله وانتفع به، نسأل الله تعالى أن يعظنا وإياكم بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وآياته الكونية .