تفسير قوله تعالى:" كلا إن كتاب الفجار لفي سجينٍ. وما أدراك ما سجينٌ " حفظ
قول الله تعالى (( كَلاَّ إِنَّ كِتَبَ الْفُجَّارِ لَفِى سِجِّينٍ . وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ... )) الخ .(( كلا )) إذا وردت في القرآن لها معانٍ حسب السياق، قد تكون حرف ردع وزجر، وقد تكون بمعنى حقًّا، وقد يكون لها معانٍ أخرى يعينها السياق، لأن الكلمات في اللغة العربية ليس لها معنى ذاتي لا تتجاوزه، بل كثير من الكلمات العربية لها معانٍ تختلف بحسب سياق الكلام، في هذه الآية يقول: (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين )) فتحتمل أن تكون بمعنى حقًّا إن كتاب الفجار لفي سجين، أو تكون بمعنى: الردع عن التكذيب بيوم الدين، وعلى كل حال فبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة إن كتاب الفجار في سجين، والسجين قال العلماء: إنه مأخوذ من السجن وهو الضيق، أي في مكان ضيق، وهذا المكان الضيق هو نار جهنم ـ والعياذ بالله ـ كما قال الله تبارك وتعالى: (( وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً. لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً )) ، وجاء في حديث البراء بن عازب الطويل المشهور في قصة المحتضر وما يكون بعد الموت أن الله سبحانه وتعالى يقول: ( اكتبوا كتاب عبدي في السجين يعني ـ الكافر ـ في الأرض السابعة السفلى ) فسجين هو أسفل ما يكون من الأرض الذي هو مقر النار- نعوذ بالله منها - فهذا الكتاب في سجين، ثم عظّم الله عز وجل هذا السجين بقوله: (( وما أدراك ما سجين )) فالاستفهام هنا للتعظيم أي ما الذي أعلمك بسجين؟ وهل بحثت عنه؟ وهل سألت عنه حتى يبين لك، والتعظيم قد يكون لعظمة الشيء رفعة، وقد يكون لعظمة الشيء نزولاً، وهذا التعظيم في سجين ليس لرفعته وعلوه ولكنه لسفوله ونزوله.