ذكر قاعدة في التفسير: إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما حفظ
(( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )): فتنوهم يعني: أحرقوهم على قول بعض أهل العلم، لأن هؤلاء المشركين خدوا أخاديد، أي شقوا سراديب في الأرض وأوقدوا فيها النيران، وأحرقوا فيها المؤمنين، فيكون معنى فتنوا المؤمنين: يعني أحرقوهم. وقيل: فتنوهم أي صدوهم عن دينهم. والصحيح: أن الآية شاملة للمعنيين جميعاً، لأنه ينبغي أن نعلم أن القرآن معانيه أوسع من أفهامنا، معاني القرآن أوسع من أفهامنا، وأنه مهما بلغنا من الذكاء والفطنة فلن نحيط به علماً، إنما نعلم منه ما تيسر، والقاعدة في علم التفسير أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين لا يتضادان فإنها تحمل عليهما جميعاً، فنقول: هم فتنوا المؤمنين بصدهم عن سبيل الله، وفتنوهم بالإحراق أيضاً. ولكن مع هذا يقول الله عز وجل: (( ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم )) فدل في الآية الكريمة على أنهم لو تابوا لغفر الله لهم رغم أنهم فعلوا بأوليائه ما فعلوا فإن الله يتوب عليهم، لأن الله يقول: (( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات )) ، (( فلهم عذاب جهنم )): أي عذاب النار، يعذبون بها، (( ولهم عذاب الحريق )): يحرقون بنار جهنم - نسأل الله السلامة -