تفسير قوله تعالى:" فعالٌ لما يريد " حفظ
(( فعال لما يريد )) كل ما يريده فإنه يفعله عز وجل، لأنه تام السلطان لا أحد يمانعه، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه (( وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال )). فكل ما يريده فإنه يفعله، لكن ملوك الدنيا وإن عظمت ملكيتهم لا يفعلون كل ما يريدون، ما أكثر ما يريدون ثم يوجد مانع يمنع، أما الرب فهو ذو السلطان الأعظم الذي لا يرد ما أراده شيء. (( فعال لما يريد )) وفي هذا دليل على أن جميع ما وقع في الكون فإنه بإرادة الله عز وجل، لأن الله هو الذي خلقه فيكون واقعاً بإرادته، ولكن اعلموا أن الله لا يريد شيئاً إلا لحكمة، فكل ما يقع من أفعال الله فإنه لحكمة عظيمة قد نعلمها وقد لا نعلمها. قوله تبارك وتعالى: (( فعال لما يريد )): هذه وصف لله سبحانه وتعالى أنه فعال لما يريد، وكل ما أراده فإنه يفعله، لا يمنعه شيء من ذلك، لأن له ملك السماوات والأرض، ومالك السماوات والأرض لا أحد يمنعه من أن يفعل في ملكه ما شاء، وهذا كقوله تبارك وتعالى: (( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) الخلق مهما كانوا لا يستطيعون أن يفعلوا ما شاءوا، بل قد يريدون الشيء إرادة جازمة، وبكل قلوبهم و يتمنون هذا ولكنهم لا يحصل لهم هذا، يحول بينهم وبينه قدر الله عز وجل، ثم الله سبحانه وتعالى فإنه فعال لما يريد. وفي الآية الكريمة إثبات مراد الله عز وجل وهو كذلك فإنه تعالى له الإرادة الكاملة التامة في خلقه حتى فيما يتعلق بأفعال الخلق، لا يكون فعل من الناس إلا بإرادة الله كما قال الله تعالى : (( لمن شاء منكم أن يستقيم . وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ))، فعلق مشيئتهم بمشيئته سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا: (( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ))، وهو سبحانه وتعالى إرادته كاملة لما يكون من فعله وما يكون من فعل عباده، أنا مثلا إذا تكلمت بكلامي هذا أو بغيره أو بما سبقه بكل كلامي، فعلته بإرادة الله، لو شاء الله ما تكلمت وإذا شاء الله أن أتكلم تكلمت، فتنبعث من قلبي إرادة للكلام فأتكلم، ولهذا قال: (( فعال لما يريد )).