تفسير قوله تعالى:" والشفع والوتر " حفظ
وأما قوله: (( والشفع والوتر )) فقيل: إن المراد به كل الخلق، كل الخلق إما شفع وإما وتر، صح ، كل الخلق إما شفع وإما وتر والله عز وجل يقول: (( ومن كل شيء خلقنا زوجين )). فالعبادات إما شفع وإما وتر، فيكون المراد بالشفع والوتر كل ما كان مخلوقاً من شفع ووتر، وكل ما كان مشروعاً من شفع ووتر، وقيل: المراد بالشفع الخلق كلهم، والمراد بالوتر الله عز وجل. واعلموا أن قوله والوتر فيها قراءتان صحيحتان (( والوِتر )) و(( الوَتر )) يعني لو قلت (( والشفع والوِتر )) صح ولو قلت (( والشفع والوَتْر )) صح أيضاً، فقالوا إن الشفع هو الخلق، لأن المخلوقات كلها مكونة من شيئين (( ومن كل شيء خلقنا زوجين )) والوَتْر أو الوِتر هو الله لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ( إن الله وتر يحب الوتر )، وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ولا منافاة بينهما فلتكن لكل المعاني التي تحتملها الآية، وهذه القاعدة في علم التفسير أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين وأحدهما لا ينافي الآخر فهي محمولة على المعنيين جميعاً. قال تعالى: (( والليل إذا يسر )) أقسم الله أيضاً بالليل إذا يسري، والسري: هو السير في الليل، والليل ـ كما نعلم ـ يسير يبدأ بالمغرب وينتهي بطلوع الفجر فهو يمشي الزمن يمشي ما يتوقف، فهو دائماً في سريان، فأقسم الله به لما في ساعاته من العبادات كصلاة المغرب، والعشاء، وقيام الليل، والوتر وغير ذلك، ولأن في الليل مناسبة عظيمة وهي أن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: ( من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له ) ولهذا نقول: إن الثلث الآخر من الليل إنه وقت إجابة، فينبغي أن ينتهز الإنسان هذه الفرصة فيقوم لله عز وجل يتهجد ويدعو الله سبحانه وتعالى بما شاء من خير الدنيا والآخرة لعله يصادف ساعة إجابة ينتفع بها في دنياه وأخراه.