تفسير قوله تعالى:" أيحسب أن لن يقدر عليه أحد. يقول أهلكت مالا لبدا. أيحسب أن لم يره أحدا " حفظ
في قوله تبارك وتعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في كبد .أيحسب أن لن يقدر عليه أحد. يقول أهلكت مالاً لبداً . أيحسب أن لم يره أحد )) .وبينا أن قوله تعالى: (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) لها معنيان عند أهل العلم: المعنى الأول: الكبد يعني الاهتمام والرفعة في العقل والبدن وغير ذلك. والمعنى الثاني: أي مكابدة المشاق في الأعمال الدنيوية والأخروية. والقاعدة في تفسير كتاب الله عز وجل يا إخواننا، القاعدة أن الآية إذا كانت تحتمل معنيان ولا تناقض بينهما فإنها تحمل على المعنيين جميعاً لأن ذلك أوسع في التفسير والعلم. يقول الله تعالى: (( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد )) يعني: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يقدر عليه أحد، لأنه في عنفوان شبابه وقوته وكبريائه وغطرسته، فيقول لا أحد يقدر علي، أنا أعمل ما شئت، ومنه قوله تبارك وتعالى: (( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة )). قال الله تعالى: (( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )). إذاً، فالإنسان في حال صحته وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، ، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى الرب عز وجل يظن أنه لا يقدر عليه، أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير فيخاف الله. (( يقول أهلكت مالاً لبداً )): يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له (( أهلكت مالاً لبداً )) أي: مالاً كثيراً في شهواته وفي ملذاته. يقول الله عز وجل: (( أيحسب أن لم يره أحد )) أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه في ما لا ينفع، وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله.