تفسير قوله تعالى:" أو إطعاما في يوم ذي مسغبة. يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة " حفظ
قال: (( أو إطعام في يوم ذي مسغبة )): (( أو )) هذه للتنويع يعني : وإما (( إطعام في يوم ذي مسغبة )) أي: ذي مجاعة شديدة، لأن الناس قد يصابون بالمجاعة الشديدة، إما لقلة الحاصل من الثمار والزروع، وإما لأمراض في أجسامهم يأكل الإنسان ولا يشبع، وهذا قد وقع فيما نسمع عنه وقع في البلاد النجدية وربما في غيرها أيضاً، أن الناس يأكلون ولا يشبعون، يأكل الواحد مأكل العشرة ولا يشبع، ويموتون من الجوع في الأسواق ويتساقطون في الأسواق من الجوع، هذه من المساغب. أو قلة المحصول بحيث لا تثمر الأشجار، ولا تنبت الزروع، فيقل الحاصل وتحصل المسغبة، ويموت الناس جوعاً، وربما يهاجرون عن بلادهم، هذه إطعام في يوم ذي مسغبة. (( يتيماً ذا مقربة. أو مسكيناً ذا متربة )) (( يتيماً (( : اليتيم هو من مات أبوه قبل أن يبلغ سواءً كان ذكراً أم أنثى. فإن بلغ لا يكون يتيماً، لأنه بلغ وانفصل. وكذلك لو ماتت أمه فإنه لا يكون يتيماً، خلافاً لما يظنه بعض العامة، أن اليتيم من ماتت أمه وهذا ليس بصحيح، فاليتيم من مات أبوه، لأنه إذا مات أبوه لم يكن له كاسب من الخلق يكسب عليه. وقوله: (( ذا مقربة )): ذا قرابة من الإنسان لأنه إذا كان يتيماً كان له حظ من الإكرام والصدقات، وإذا كان قريباً ازداد حظه من ذلك، لأنه يكون واجب الصلة، فمن جمع هذين الوصفين اليتم والقرابة فإن الإنفاق عليه من اقتحام العقبة إذا كان ذلك في يوم ذي مسغبة. (( أو مسكيناً ذا متربة )) يعني: أو إطعام في يوم ذي مسغبة (( مسكيناً ذا متربة ))، المسكين: هو الذي لا يجد قوته ولا قوت عياله. المتربة: مكان التراب، والمعنى: أنه مسكين ليس بيديه شيء إلا التراب. ومعلوم أنه إذا قيل عن الرجل: ليس عنده إلا التراب، فالمعنى: أنه فقير جداً ليس عنده طعام، وليس عنده كساء، وليس عنده مال فهو مسكين ذو متربة.