تفسير قوله تعالى:" ووجدك عائلا فأغنى " والحث على جهاد الكفار بضوابطه حفظ
(( ووجدك عائلاً فأغنى )): أي وجدك فقيراً لا تملك شيئاً ،(( فأغنى )): أي أغناك وأغنى بك قال الله تعالى: (( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها )). وما أكثر ما غنم المسلمون من الكفار تحت ظلال السيوف، غنائم عظيمة كثيرة كلها بسبب هذا الرسول الكريم حين اهتدوا بهديه، واتبعوا سنته فنصرهم الله تعالى به وغنموا من مشارق الأرض ومغاربها، ولو أنّ الأمة الإسلامية عادت إلى ما كان عليه السلف الصالح لعاد النصر إليهم، والغنى، والعزة، والقوة ولكن مع الأسف أن الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر كل منها ينظر إلى حظوظ نفسه بقطع النظر عما يكون به نصرة الإسلام أو خذلان الإسلام، ولا يخفى على من تأمل الوقائع التي حدثت أخيراً أنها في الحقيقة إذلال للمسلمين، وأنها سبب لشر عظيم كبير يترقب من وراء ما حدث، ولاسيما من اليهود والنصارى الذين هم أولياء بعضهم لبعض كما قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )). وهم أعني اليهود والنصارى متفقون على عداوة المسلمين، كلٌ لا يريد الإسلام، ولا يريد أهل الإسلام، ولا يريد عز الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يقينا شر ما حدث في الآونة الأخيرة من الأمور التي يندى لها الجبين، ولكن سينصر الله تعالى دينه مهما كانت الأحوال، فالله تعالى ناصر دينه وكتابه، وإن حصل على المسلمين ما يحصل فإن الله يقول: (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )). فربما يأتي اليوم الذي يجاهد فيه المسلمون اليهود حتى يختبئ اليهودي تحت الشجر فينادي الشجر يا مسلم، يا عبد الله هذا يهودي تحتي، فيأتي المسلم ويقتله، وما ذلك على الله بعزيز. ولكن المسلمين يحتاجون إلى قيادة حكيمة عليمة، عليمة قبل كل شيء بأحكام الشريعة ، لأن القيادة بغير الاستنارة بنور الشريعة عاقبتها الوبال، مهما علت ولو علت إلى أعلى قمة فإنها سوف تنزل إلى أسفل قعر، الهداية بالإسلام، بنور الإسلام، لا بالقومية، ولا بالعصبية، ولا بالوطنية ولا بغير ذلك، بالإسلام فقط، الإسلام وحده هو الكفيل بعزة الأمة، لكن كما قلت: لكن تحتاج إلى قيادة حكيمة تضع الأشياء مواضعها، وتتأنى في الأمور ولا تستعجل، لا يمكن أن يصلح الناس بين عشية وضحاها، من أراد ذلك فإنه قد أراد أن يغير الله سنته، والله سبحانه وتعالى لا يغير سنته، فهذا نبي الله عليه الصلاة والسلام بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله، ينزل عليه الوحي، يدعو بالتي هي أحسن، ومع ذلك في النهاية خرج من مكة خائفاً مختفياً لم تتم الدعوة في مكة، فلماذا نريد أن نغير الأمة التي مضى عليها قرون وهي في غفلة وفي نوم أن نغيرها بين عشية وضحاها، هذا سفه، سفه في العقل، وضلال في الدين، الأمة تحتاج إلى علاج رفيق، علاج رفيق هادئ يدعو بالتي هي أحسن، الأمة الإسلامية تحتاج بعد الفقه في دين الله والحكمة في الدعوة إلى الله، تحتاج أيضاً إلى علم بالواقع وفطنة وخبرة، ونظر في الأمور التي تحتاج إلى نظر بعيد، لأن النتائج قد لا تتبيّن في شهر، أو شهرين، أو سنة، أو سنتين، لكن العاقل يصبر وينظر ويتأمل حتى يعرف الأمور، يحتاج أيضاً إلى عزم وتصميم وصبر، فإنه لابد من هذا لابد من عزم يندفع به الإنسان، ولابد من صبر يثبت به الإنسان وإلا لفاتت الأمور أو فات كثير منها .