تفسير قوله تعالى:" وأما السائل فلا تنهر " وبيان أن السائل يدخل فيه السائل عن الشريعة والسائل عن المال حفظ
(( وأما السائل فلا تنهر )) هذا في مقابل قوله؟ ايش؟ لا، (( ووجدك ضالاً فهدى ))، إذاً (( السائل فلا تنهر )) أول ما يدخل في السائل، السائل عن الشريعة عن العلم لا تنهره، لأنه إذا سألك يريد أن تبيّن له الشريعة وجب عليك أن تبيّنها له لقول الله تبارك وتعالى: (( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )). لا تنهره إن نهرته نفرته، ثم إنك إذا نهرته وهو يعتقد أنك فوقه، لأنه لم يأت يسأل إلا أنه يعتقد أنك فوقه، إذا نهرته وهو يشعر أنك فوقه أصابه الرعب واختلفت حواسه، وربما لا يفقه ما يلقي إليك من السؤال، أو لا يفقه ما تلقيه إليه من الجواب، وقس نفسك أنت لو كلمت رجلاً أكبر منك منزلة ثم نهرك ضاعت حواسك، ولم تستطع أن ترتب فكرك وعقلك، لهذا لا تنهر السائل، وربما يدخل في ذلك أيضاً سائل المال، يعني إذا جاءك سائل يسألك مالاً فلا تنهره، لكن هذا العموم يدخله التخصيص: إذا عرفت أن السائل في العلم إنما يريد التعنت، وأخذ رأيك وأخذ رأي فلان وفلان حتى يضرب آراء العلماء بعضها ببعض، فإذا علمت ذلك فهنا لك الحق أن تنهره، وأن تقول: يا فلان اتق الله ألم تسأل فلاناً كيف تسألني بعدما سألته؟! أتلعب بدين الله؟! أتريد إن أفتاك الناس بما تحب سكتّ، وإن أفتوك بما لا تحب ذهبت تسأل؟!. هذا لا بأس، لأن هذا النهر تأديب له. وكذلك سائل المال إذا علمت أن الذي سألك المال غني فلك الحق أن تنهره ولك الحق أيضاً أن توبخه على سؤاله وهو غني، إذاً هذا العموم (( السائل فلا تنهر )) نقول هذا العموم مخصوص فيما إذا اقتضت المصلحة أن ينهر فلا بأس.