تفسير قوله تعالى:" ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك " وبيان من خصائص رسول الله غفران ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر حفظ
(( ووضعنا عنك وزرك )) قد تقول: إن بين الجملتين تنافراً، الأولى: الجملة فعل مضارع (( نشرح )) والثانية فعل ماض (( وضعنا )) لكن بناء على التقرير الذي قلت وهو أن (( ألم نشرح )) بمعنى قد شرحنا يكون عطف ووضعنا عطفاً على نظيره ومثيله (( ووضعنا عنك وزرك )) وضعناه أي طرحناه وعفونا وسامحنا وتجاوزنا عنك (( وزرك )) أي إثمك (( الذي أنقض ظهرك )) يعني أقضه وآلمه، لأن الظهر هو محل الحمل، فإذا كان هناك حمل يتعب الظهر فإتعاب غيره من باب أولى، لأن أقوى عضو في أعضائك للحمل هو الظهر، وانظر للفرق بين أن تحمل كيساً على ظهرك أو تحمله بين يديك بينهما فرق، فالمعنى أن الله تعالى غفر للنبي صلى الله عليه وسلّم وزره وخطيئته حتى بقي مغفوراً له، قال الله تبارك وتعالى: (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً . ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر )). وقيل للنبي صلى الله عليه وسلّم وهو يقوم الليل ويطيل القيام حتى تتورم قدماه أو تتفطر قيل له: كيف تفعل هذا، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فأقر هذا القول، أقر أن الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لكن قال: ( أفلا أكون عبداً شكوراً )، إذاً مغفرة ذنوب الله المتقدمة والمتأخرة ثابتة بالقرآن والسنة، وهذا من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام، لا أحد من الناس يغفر له ما تقدم وما تأخر إلا الرسول، أما غيره فيحتاج إلى توبة يتوب من الذنب، وقد يغفر الله له سبحانه وتعالى بدون توبة ما دون الشرك، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام نجزم بأنه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولهذا قال: (( ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك )).