تفسير قوله تعالى:" فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا " وتوجيه قول ابن عباس: لن يغلب عسر يسرين حفظ
(( فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً )): هذا بشارة من الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولسائر الأمة، ونسأل الأخ هل جرى على الرسول عليه الصلاة والسلام عسر؟ الطالب؟ أي نعم، حين كان بمكة يضيق عليه، وفي الطائف، وكذلك أيضاً في المدينة من المنافقين فالله يقول: (( فإن مع العسر يسراً )) يعني كما شرحنا لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك، ورفعنا لك ذكرك، وهذه نعم عظيمة كذلك هذا العسر الذي يصيبك لابد أن يكون له يسر: (( فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً ))، قال ابن عباس عند هذه الآية: "لن يغلب عسٌر يسرين"، فكيف توجيه كلامه ـ رضي الله عنه ـ مع أن العسر ذكر مرتين واليسر ذكر مرتين. قال أهل البلاغة: توجيه كلامه أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة : (( فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً ))، العسر الأول أعيد في الثانية بألـــــ، فأل هنا للعهد الذكري، وأما يسر فإنه لم يأت معرفاً بل جاء منكراً، والقاعدة: أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير أن الثاني غير الأول إلا ما ندر، والعكس إذا كرر الاسم مرتين وهو معرف فالثاني هو الأول إلا ما ندر، يعني انتبهوا لهذه القاعدة، القاعدة الآن: إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التعريف فالثاني هو الأول إلا ما ندر، وإذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير فالثاني غير الأول، لأن الثاني نكرة فهو غير الأول، إذاً في الآيتين الكريمتين يسران وفيهما عسر واحد، لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف.(( فإن مع العسر يسراً )) هذا الكلام خبر ممن؟ من الله عز وجل، وخبره أكمل الأخبار صدقاً، ووعده لا يخلف، فكلما تعسر عليك الأمر فانتظر التيسير، كلما تعسر عليك الأمر فانتظر التيسير، أما في الأمور الشرعية فظاهر، ففي الصلاة: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، هذا تيسير، إذا شق عليك القيام اجلس، إن شق عليك الجلوس صل وأنت على جنبك، في الصيام إن قدرت وأنت في الحضر فصم، وإن لم تقدر فأفطر، إذا كنت مسافراً فأفطر، في الحج إن استطعت إليه سبيلاً فحج، وإن لم تستطع فلا حج عليك، بل إذا شرعت في الحج وحصل لك ظرف لا تتمكن معه من إكمال الحج فتحلل، وافسخ الحج واهدِ لقول الله تعالى: (( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي )). إذاً كل عسر يحدث للإنسان في العبادة يجد التسهيل واليسر. كذلك في القضاء والقدر، يعني تقدير الله على الإنسان من مصائب، وضيق عيش، وضيق صدر وغيره لا ييأس، فإن مع العسر يسراً، التيسير قد يكون أمراً ظاهراً حسيًّا، مثل: أن يكون الإنسان فقيراً فتضيق عليه الأمور فييسر الله له الغنى، هذا تيسير حسي، أليس كذلك؟ إنسان مريض يتعب يشق عليه المرض فيشفيه الله عز وجل، هذا أيضاً تيسير حسي، هناك تيسير معنوي وهو معونة الله الإنسان على الصبر هذا تيسير، إذا أعانك الله على الصبر تيسر لك العسير، وصار هذا الأمر العسير الذي لو نزل على الجبال لدكها، صار بما أعانك الله عليه من الصبر صار أمراً يسيراً، يعني لا تظن أن اليسر معناه أن ينفرج الشيء مرة، لا، اليسر أن ينفرج الكرب ويزول وهذا يسر حسي، وأن يعين الله الإنسان على الصبر حتى يكون هذا الأمر الشديد العسير أمراً سهلاً عليه، نقول هذا لأننا واثقون بوعد الله : (( فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً ))،