تفسير قوله تعالى:" فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب " حفظ
(( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب )): المعنى في هذه الآية: أي إذا فرغت من أعمالك فانصب لعمل آخر، يعني اتعب لعمل آخر، لا تجعل الدنيا تضيع عليك، ولهذا كانت حياة الإنسان العاقل حياة جد، كلما فرغ من عمل شرع في عمل آخر، ما فيه ضياع وقت، الزمن لا يرحم كما يقولون، الزمن يمشي، يفوت على الإنسان في حال يقظته ومنامه، وشغله وفراغه، يسير، هل يمكن لأحد أن يمسك الزمن؟ ها؟ أجيبوا، لا، لو اجتمع الخلق كلهم ليوقفوا الشمس حتى يطول النهار ما تمكنوا، الزمن لا يمكن لأحد أن يمسكه، إذاً اجعل حياتك حياة جداً، حياة جد، إذا فرغت من عمل فانصب في عمل آخر، إذا فرغت من عمل الدنيا عليك بعمل الآخرة، فرغت من عمل الآخرة اشتغلت بأمر الدنيا فإذا قضيت الصلاة يوم الجمعة، يعني شوف الآن يوم الجمعة يكتنفها عملان دنيويان، صلاة الجمعة يكتنفها عملان دنيويان، (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة )) يعني وأنتم مشتغلون في دنياكم (( فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ))، اسعوا بيعوا واشتروا، فإذا فرغنا من شغل اشتغلنا في آخر، وإذا فرغنا منه اشتغلنا في آخر وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان دائماً في جد. فإذا قال قائل: لو أنني استعملت الجد في كل حياتي لتعبت ومللت، قلنا: إن استراحتك لتنشيط نفسك وإعادة النشاط يعتبر، ايش؟ يعتبر شغلاً وعملاً، يعني ليس لازم الشغل بالحركات ففراغك من أجل أن تنشط للعمل الآخر يعتبر عملاً، المهم أن تجعل حياتك كلها جدًّا، عمل. ((فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب )) يعني إذا عملت الأعمال التي فرغت منها ونصبت في الأخرى، فارغب إلى الله عز وجل في إيش؟ ارغب إلى الله في حصول الثواب، وفي حصول الأجر، وفي الإعانة كن مع الله عز وجل قبل العمل وبعد العمل، قبل العمل كن مع الله تستعينه عز وجل، وبعده ترجو منه الثواب. و(( إلى ربك فارغب ))، وفي قوله: (( إلى ربك فارغب ))، فائدة بلاغية، أسألكم عنها : (( إلى ربك )) متعلقة بإيش؟ لا متعلقة من حيث الإعراب؟ (( ارغب ))، مقدمة عليها، وتقديم المعمول يفيد الحصر، يعني إلى الله لا إلى غيره، إلى الله لا إلى غيره فارغب فقط في جميع أمورك، وثق بأنك متى علقت رغبتك بالله عز وجل فإنه سوف ييسر لك الأمور، وكثير من الناس تنقصهم هذه الحال أي ينقصهم أن يكونوا دائماً راغبين إلى الله، فتجدهم يختل كثير من أعمالهم، لأنهم لم يكن بينهم وبين الله تعالى صلة في أعمالهم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممتثلين لأوامره، مصدقين بأخباره، إنه على كل شيء قدير.