تفسير قوله تعالى:" وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ومعنى العبادة وذكر ركنيها وهما الإخلاص والمتابعة مع الأدلة حفظ
وهي قوله تبارك وتعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) قوله تبارك وتعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله (( أي أن الناس لم يؤمروا بشيء يتعلق بأمور الدنيا أو بشيء يكلفهم بل هو بشيء سهل عليهم وهو عبادة الله عز وجل، (( ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) فما هي العبادة؟ العبادة تطلق على معنيين: المعنى الأول: التعبد، فيقال هذا الرجل تعبد لله عبادة. والمعنى الثاني: المتعبد به، فيقال الصلاة عبادة، والزكاة عبادة، والصوم عبادة، وهكذا. فعلى المعنى الأول يكون معنى العبادة تذلل العبد لربه عز وجل محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه. وعلى المعنى الثاني أن العبادة هي المتعبد به يكون معناها ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله إنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال و الأعمال، فالصلاة عبادة و الطهارة عبادة والزكاة عبادة والصوم عبادة والحج عبادة وبر الوالدين عبادة وصلة الأرحام عبادة، وكل عمل يقرب إلى الله تعالى فإنه عبادة، لكن الله سبحانه وتعالى ذكر أن هذا الأمر مقرون بشيئين الأول: الإخلاص لله تعالى بحيث يقصد الإنسان بعبادته وجه الله والدار الآخرة، لا يقصد بها دنيا يصيبها ولا امرأة يتزوجها ولا جاه يشرف به عند الناس ولا غير هذا من الأمور الدنيوية، فمن قصد سوى الله في عبادته فهو مشرك حابط عمله ودليل هذا قول الله تعالى: (( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )) ، وفي الحديث القدسي الصحيح أن الله تعالى قال: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) ، وفي الحديث النبوي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، هذه أدلة وجوب إخلاص العبادة، وأما الثاني: فهو الإتباع يعني إتباع شريعة الله، ودليله قوله تعالى: )) حنفاء )) والحنيف: هو المائل عما سوى شريعة الله، مأخوذ من الحنف: وهو ميل الإصبع، فلا بد من إتباع الشريعة، والدليل لذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )، وقوله: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) فلا بد في العبادة من الإخلاص والمتابعة.