الكلام على الصفة الرابعة من هذه الصفات الأربع وهي التواصي بالصبر، وبيان أقسام الصبر حفظ
(( وتواصوا بالصبر )) والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله، وقسّمه أهل العلم إلى ثلاثة أقسام فقالوا إن الصبر: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله، ثلاثة أقسام. الصبر على الطاعة، كثير من الناس يكون فيه كسل عن الصلاة مع الجماعة مثلاً، لا يذهب إلى المسجد يقول أصلي في البيت وأديت الواجب فيكسل نقول: يا أخي أصبر نفسك، احبسها كلفها على أن تصلي مع الجماعة. كثير من الناس إذا رأى زكاة ماله كثيرة شح وبخل وصار يتردد، أُخرج هذا المال الكثير، أو أتركه وبعدين أطلعه، وما أشبه ذلك، نقول: يا أخي اصبر نفسك، كلفها على إخراج الزكاة، وهكذا بقية العبادات فإن العبادات كما قال الله تعالى في الصلاة: (( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )). أكثر عباد الله تجد أن العبادات عليهم ثقيلة، فهم يتواصون بالصبر، اصبر على الطاعة، لا تمل لا تكسل. كذلك الصبر عن المعصية بعض الناس مثلاً تجره نفسه إلى أكساب محرمة إما بالربا، وإما بالغش والكذب، وإما بالتدليس أو بغير ذلك من أنواع الحرام فنقول: اصبر، أصبر نفسك لا تتعامل على وجه محرم. بعض الناس أيضاً يبتلى بالنظر إلى النساء تجده ماشياً في السوق وكل ما مرت امرأة أتبعها بصره فنقول: يا أخي اصبر، اصبر نفسك عن هذا الشيء. على أقدار الله، يصاب الإنسان بمرض في بدنه، يصاب الإنسان بفقد شيء من ماله، يصاب الإنسان بفقد أحبته فيجزع، ويتسخط، ويتألم فيوصون فيما بينهم، اصبر يا أخي هذا أمر مقدر والجزع لا يفيد شيئاً، واستمرار الحزن لا يرفع الحزن، اصبر، قدر أن هذا الشيء لم يكن اصبر، لأن مثلاً الإنسان فقد مليون ريال فحزن لذلك وتعذر منها ماذا نقول له؟ نقول اصبر يا أخي، وقدر أن هذا المليون لم يوجد، ألست قد خرجت من بطن أمك ليس عليك ثياب؟ قدر أن هذا ما كان. كذلك أيضاً الأولاد، مثل إنسان امتحن بموت ابنه نقول: يا أخي اصبر، قدر أن هذا الابن لم يُخلق، ثم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام لإحدى بناته: ( مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ، وله ما أعطى ). الأمر كله لله، ما هو له، فإذا أخذ الله تعالى ملكه كيف تعتب على ربك؟ كيف تتسخط؟ فهذه أنواع الصبر: الأول: على طاعة الله. الثاني: على معاصي الله. والثالث: على أقدار الله. وأيها أشق على النفوس؟ هذا يختلف، بعض الناس يشق عليه القيام بالطاعة وتكون ثقيلة عليه جداً، وبعض الناس بالعكس الطاعة هينة عليه، لكن ترك المعصية صعب، شاق يشق عليه مشقة كبيرة، وبعض الناس يسهل عليه الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، لكن لا يتحمل الصبر على المصائب، يعجز حتى إنه قد تصل به الحال إلى أن يرتد ـ والعياذ بالله ـ كما قال الله تعالى: (( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين )).