تفسير سورة الهمزة: قال الله تعالى:" ويل لكل همزة لمزة " وذكر قاعدة في التفسير حفظ
قوله تبارك وتعالى: (( وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ . الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ . يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ . كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِى الْحُطَمَةِ. وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ . نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ . الَّتِى تَطَّلِعُ عَلَى الأفئِدَةِ .إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ . فِى عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ )) . ففي هذه السورة يبتدئ الله سبحانه وتعالى بكلمة (( ويل ))، وهي كلمة وعيد، أي أنها تدل على ثبوت وعيد لمن اتصف بهذه الصفات(( همزة لمزة )) إلى آخره، وقيل: إن (( ويل )) اسم لوادٍ في جهنم ولكن الأول أصح. (( لكل همزة لمزة )): كل من صيغ العموم، والهمزة واللمزة وصفان لموصوف واحد، فهل هما بمعنى واحد؟ يعني همزة ولمزة معناهما واحد؟ أو يختلفان في المعنى؟ قال بعض العلماء: إنهما لفظان لمعنى واحد، يعني أن الهمزة هو اللمزة. وقال بعضهم: بل لكل واحد منهما معنى غير المعنى الآخر. وثم قاعدة أحب أن أنبه عليها في التفسير، وغير التفسير وهي: أنه إذا دار الأمر بين أن تكون الكلمة مع الأخرى بمعنى واحد، أو لكل كلمة معنى، فإننا نتبع الثاني، أي نجعل لكل واحدة معنى، لأننا إذا جعلنا الكلمتين بمعنى واحد صار في هذا تكرار لا داعي له، لكن إذا جعلنا كل واحدة لها معنى صار هذا تأسيسًا وتفريقًا بين الكلمتين، والصحيح في هذه الآية (( لكل همزة لمزة )) أن بينهما فرقًا: فالهمز: بالفعل. واللمز: باللسان، كما قال الله تعالى: (( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون )). فالهمز بالفعل يعني أنه يسخر من الناس بفعله إما أن يلوي وجهه، أو يعبس بوجهه، أو ما أشبه ذلك، أو بالإشارة بأن يشير إلى شخص، يقول: انظروا إليه ليعيبه أو ما أشبه ذلك، فالهمز يكون بإيش؟ بالفعل، واللمز باللسان، يعني أن بعض الناس ـ والعياذ بالله ـ مشغوف بعيب البشر إما بفعله وهو الهمَّاز، وإما بقوله وهو اللمَّاز، وهذا كقوله تعالى: (( ولا تطع كل حلاَّف مهين. هَّماز مشاء بنميم )) .