تفسير قوله تعالى:" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " وبيان ما يمنع فعله في الحرم، وهل الحرم المدني مثل الحرم المكي في ذلك حفظ
(( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )): (( الذي )) هذه صفة للرب أو للبيت؟ للرب، إذاً فمحلها النصب، ولهذا يحسن أن تقف فتقول (( فليعبدوا رب هذا البيت )) ثم تقول: (( الذي أطعمهم )) لأنك لو وصلت فقلت: (( رب هذا البيت الذي أطعمهم )) لظن السامع أن (( الذي )) صفة للبيت، وهذا بعيد من المعنى ولا يستقيم به المعنى.(( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )): بين الله نعمته عليهم، النعمة الظاهرة والباطنة، فإطعامهم من الجوع وقاية من الهلاك في أمر باطن، وهو الطعام الذي يأكلونه، (( وآمنهم من خوف )) وقاية من الهلاك في الأمر الظاهر، لأن الخوف ظاهر، إذا كانت البلاد محوطة بالعدو، خاف أهلها وامتنعوا عن الخروج، وبقوا في ملاجئهم، فذكرهم الله بهذه النعمة، (( ... أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) وآمن مكان في الأرض هو مكة، هي آمن مكان في الأرض، ولذلك لا يُقطع شجرها، ولا يُحش حشيشها، ولا تُلتقط ساقطتها، ولا يصاد صيدها، ولا يسفك فيها دم، وهذه الخصائص لا توجد في البلاد الأخرى حتى المدينة، محرمة ولها حرم، لكن حرمها دون حرم مكة، دون حرم مكة بكثير، حرم مكة لا يمكن أن يأتيه أحد من المسلمين لم يأته ولا مرة إلا محرماً، يجب عليه ذلك، والمدينة ليست كذلك، حرم مكة يحرم حشيشه وشجره مطلقاً، وأما حرم المدينة فرخص في بعض الشجر لحاجة، للحرث مثلاً، وأما حرم المدينة فرخص في بعض شجره للحرث ونحوه، صيد مكة حرام وفيه الجزاء، وصيد المدينة ليس فيه الجزاء، المهم أن أعظم مكان آمن هو مكة، حتى الأشجار آمنة فيه، وحتى الصيود آمنة فيه، ولولا أن الله تعالى يسر على عباده لكان حتى البهائم قصدي حتى البهائم العامة التي ليست صيوداً تحرم، لكن الله تعالى رحم العباد وأذن لهم أن يذبحوا وينحروا في هذا المكان، وهذه النعمة ذكرهم الله بها في قوله: (( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم ))، يعني أفلا يشكرون الله على هذا؟!