تفسير قوله تعالى: " ويمنعون الماعون " وذكر أقسام بذل الماعون، وبعض مسائله حفظ
(( ويمنعون الماعون )) أي: يمنعون ما يجب بذله من المواعين وهي الأواني، يعني يأتي الإنسان إليهم يستعير آنية، يقول: أنا محتاج إلى دلو، محتاج إلى إناء أشرب به، محتاج إلى لمبة كهرباء وما أشبه ذلك، فيمنع. فهذا أيضاً مذموم. ومنع الماعون ينقسم إلى قسمين: قسم يأثم به الإنسان. قسم لا يأثم به، لكن يفوته الخير. فما وجب بذله فإن الإنسان يأثم بمنعه، وما لم يجب بذله فإن الإنسان لا يأثم بمنعه لكن يفوته الخير. مثال ذلك: إنسان جاءه رجل مضطر يقول: أعطني إناءً أشرب به، فإن لم أشرب مت، بذل الإناء له؟ إيش؟ واجب يأثم بتركه الإنسان، حتى إن بعض العلماء يقول: لو مات هذا الإنسان فإنه يضمنه ذاك بالدية، لأنه هو سبب موته ويجب عليه بذل ما طلبه. جاء إنسان إلى آخر يقول: أعطني ثوباً أدفأ به عن البرد وإلا هلكت، هنا؟ يجب عليه أن يبذل له ذلك الثوب وجوباً، لكن اختلف العلماء في هذه المسألة هل يجب على المستعير في هذه الحال أن يعطي المعير أجرة أو لا يجب؟ أو يجب في المنافع دون الأعيان؟ كيف هذا مثلاً: إنسان أتاك وهو مضطر إلى طعام، مضطر إلى طعام وإن لم تطعمه هلك، قلنا يجب عليك أن تطعمه، لكن هل يجب عليه أن يعطيك قيمة هذا الطعام؟ قال بعض أهل العلم: يجب عليه أن يعطيك قيمة الطعام، وقال آخرون: لا يجب، لأن إطعامه في هذه الحال واجب، واجب عليك من عند الله، وهذا القول هو الراجح بأنه ليس له عوض لأن إنقاذ الواقع في الهلكة واجب، ولا يمكن أن يأخذ الإنسان أجراً على ما أوجب الله عليه. في المسألة الثانية: جاءك إنسان مضطر إلى ثوب خوفاً من البرد، فأعطيته الثوب، فهل يجب عليه أجرة في هذا الثوب؟ بعض أهل العلم يقولون: يجب عليه الأجرة، وبعضهم يقول: لا يجب، والصحيح أنه لا يجب عليه الأجرة، ولكن إن أعطيته إياه على سبيل التملك فهو ملكه، وإن أعطيته إياه على سبيل العارية وجب عليه إذا وجد ثوباً غيره أن يرده عليك، هذا القول هو الصحيح .