تفسير قوله تعالى:" ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد " وهل هذا تكرار وما فائدته وذكر الأقوال في تفسيرها وبيان الراجح في ذلك؟ حفظ
(( ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد )): قد يظن الظان أن هذه مكررة للتوكيد، وليس كذلك لأن الصيغة مختلفة (( لا أعبد ما تعبدون )) هذا فعل أو اسم؟ سؤال؟(( لا أعبد ما تعبدون ))؟ فعل، (( ولا أنا عابد ما عبدتم )) " عابد " و "عابدون " اسم، والتوكيد لابد أن تكون الجملة الثانية كالأولى. إذاً القول بأنه كرر للتوكيد ضعيف، إذاً لماذا هذا التكرار؟ قال بعض العلماء: (( لا أعبد ما تعبدون )): الآن، (( ولا أنا عابد ما عبدتم )) في المستقبل، هذا قول، فصار (( لا أعبد ما تعبدون )) أي: في الحال، (( ولا أنا عابد ما عبدتم )) يعني في المستقبل، لأن الفعل المضارع يدل على الحال، واسم الفاعل يدل على الاستقبال، بدليل أنه عمل، واسم الفاعل لا يعمل إلا إذا كان للاستقبال. فإذاً(( لا أعبد ما تعبدون )) في الحاضر، (( لا أعبد ما تعبدون )): الآن، (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) يعني الآن، (( ولا أنا عابد ما عبدتم ))يعني في المستقبل، (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) يعني في المستقبل. لكن أورد على هذا القول أورد إيراد كيف قال: (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) مع أنهم قد يؤمنون فيعبدون الله؟! وعلى هذا فيكون في هذا القول نوع من الضعف. أجابوا عن ذلك بأن قوله: (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) يخاطب المشركين الذين عَلِم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا. فيكون الخطاب ليس عامًّا، وهذا مما يضعف القول بعض الشيء فعندنا الآن قولان: الأول: أنها توكيد. والثاني: أنها ايش؟ في المستقبل. القول الثالث: (( لا أعبد ما تعبدون )) أي: لا أعبد الأصنام التي تعبدونها،(( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) أي: لا تعبدون الله، (( ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد )) أي: في العبادة يعني ليست عبادتي كعبادتكم، ولا عبادتكم كعبادتي، فيكون هذا نفي للفعل لا للمفعول به، يعني ليس نفيًا للمعبود، لكنه نفي للعبادة أي لا أعبد كعبادتكم، ولا تعبدون أنتم كعبادتي، لأن عبادتي خالصة لله، وعبادتكم عبادة شرك. القول الآن كم؟ ثلاثة؟ القول الرابع: اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن قوله (( لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد )) هذا الفعل، فوافق القول الأول في هذه الجملة، (( ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد )) أي: في القبول، بمعنى ولن أقبل غير عبادتي، ولن أقبل عبادتكم، وأنتم كذلك لن تقبلوا، فتكون الجملة الأولى عائدة على الفعل، والجملة الثانية عائدة على القبول والرضا، يعني لا أعبده ولا أرضاه، وأنتم كذلك، لا تعبدون الله ولا ترضون بعبادته. وهذا القول إذا تأملته لا يرد عليه شيء، لا يرد عليه شيء من الهفوات السابقة، فيكون قولاً حسناً جيداً،