تفسير قوله تعالى:" فسبح بحمد ربك واستغفره " حفظ
يقول الله عز وجل إذا رأيت هذه العلامة (( فسبح بحمد ربك واستغفره )) كان المتوقع أن يكون الجواب فاشكر الله على هذه النعمة واحمد الله عليها، نصر وفتح ما جزاءه من العبد؟ الشكر، هذا هو المتوقع، لكن صار المتوقع على خلاف ما نتوقع (( فسبح بحمد ربك واستغفره )) وهذا نظير قوله تعالى: (( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً. فاصبر لحكم ربك )). كان المتوقع (( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً )) أن يقال: فاشكر ربك على هذا التنزيل وقم بحقه، وما أشبه ذلك، ولكنه قال: (( فاصبر لحكم ربك )) إيذاناً بأنه سوف ينال أذىً بواسطة إبلاغ هذا القرآن ونشره بين الأمة. (( فسبح بحمد ربك واستغفره ))، فكان الجواب يبدوا متنافرا مع الشرط، لكن عندما تتأمل ستعرف الحكمة، فالمعنى أنه إذا جاء نصر الله والفتح فقد قرب أجلك فما بقي عليك إلا الاستغفار والحمد، إلا التسبيح والحمد. ومعنى: (( فسبح بحمد ربك )) أي سبحه تسبيحاً مقروناً بالحمد، والتسبيح: تنزيه الله تعالى عما لا يليق بجلاله، والحمد: هو الثناء عليه بالكمال مع المحبة والتعظيم. اجمع بين التنزيه وبين الحمد. (( فسبح بحمد ربك واستغفره )): يعني اسأله المغفرة، فأمره الله تعالى بأمرين: الأمر الأول: التسبيح المقرون بالحمد. والثاني: الاستغفار، والاستغفار هو طلب المغفرة، والمغفرة ستر الله تعالى على عبده ذنوبه مع محوها والتجاوز عنها، وهذا غاية ما يريد العبد، لأن العبد ذَنُوب، أي كثير الذنب يحتاج إلى مغفرة إن لم يتغمده الله برحمته هلك.