.شرح لقول المصنف : وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : ( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ، فقال لي : ( يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله ؟ ) قلت : الله ورسوله أعلم . قال : ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ) . قلت يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ قا ل: ( لا تبشرهم فيتكلوا ) أخرجاه في الصحيحين . حفظ
الشيخ : " عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال ( كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ) " رديف بمعنى رادف فهي فعيل بمعنى فاعل مثل ما نقول رحيم بمعنى راحم وسميع بمعنى سامع وهكذا وقوله على حمار أهلي ولا وحشي؟
الطالب : أهلي
الشيخ : أهلي إيه نعم
الطالب : مطلق
الشيخ : نعم
الطالب : مطلق ...
الشيخ : لا معروف أن الحمار الوحشي ما هو بأهلي ( فقال لي يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد ) يعني ألقاه النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ بصفة السؤال ليكون ذلك أشد حضورا لقلبه حتى يفهم ما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأتدري أتعلم ( ما حق الله على العباد ) الذي أوجبه عليهم حقه يعني ما يجب أن يعاملوه به نعم والذي أوجبه الله أوجبه على العباد ( وما حق العباد على الله ) حق العباد أي ما يجب أن يعاملهم الله به وهذا الحق الثاني ليس العباد الذين أوجبوه بل الذي أوجبه الله سبحانه وتعالى، لأن العبد لا يوجب على ربه ولا يلزمه بشيء ولكن الله تعالى بفضله يلتزم به لهم (( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم )) كتب أوجب إنه يرحم مثل هذا الرجل وش فيه؟ عمل سوءا بجهالة مو بجهل ما يدري حكمه لا بجهالة يعني سفه وعدم تصرف حسن (( ثم تاب من بعد ذلك وأصلح فأنه غفور رحيم )) يغفر له سبحانه وتعالى ( قلت الله ورسوله أعلم ) الله ورسوله أعلم هنا الله مبتدأ ورسوله معطوف عليه وأعلم خبر المبتدأ ، والمبتدأ مكون من شيئين وأعلم مفرد وليس بمثنى نعم لأنه هنا بمعنى مِن فإذا كان اسم التفضيل بمعنى من فإن الأشهر فيه التكييف والإفراد طيب يعني أعلم من غيرهما ولا لا ؟ وأعلم مني أيضا ( قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) يعبدوه يتذللوا له بالطاعة ولا يشركوا به شيئا أي في عبادته وما يختص به كلمة شيئا نكرة في سياق النفي تعم كل شيء لا رسولا ولا ملَكا ولا وليا ولا صديقا ولا غيره ما أحد يشرك مع الله في العبادة ( وحق العباد على الله ) حقهم عليه ألا يعبد من لا يشرك به شيئا
الطالب : ألا يعذب
الشيخ : ( ألا يعذب من لا يشرك به شيئا ) وهذا حق من الله أوجبه على نفسه وليس منا أوجبناه على الله
وقوله : ( من لا يشرك به شيئا ) لا تظنوا أنه مجرد عن العبادة لأن التقدير من يعبُده ولا يشرك به شيئا وإنما لم يذكر قوله لم يعبده ولا يشرك، لأنه مفهوم من قوله ( وحق العباد ) ومن كان وصفه العبودية فلا بد أن يعبد هذه واحد ثانيا في الأول يقول ( أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) فعلم أن قوله لا يشركوا به شيئا ألا يعبدوه ولا يشركوا به شيئا أي بالعبادة بالعبادة يعني ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئا أما لو قال قائل أنا ما أعبد الله ولا أشرك به ما أنا بعابد الله ولا عابد غيره هل يعذب ولا لا؟
الطالب : يعذب
الشيخ : يعذب ما نقول إن الرجل ما أشرك بالله نقول لأن الكلام لأن الكلام هنا فيه حذف من يعبده ولا يشرك به شيئا ، وقلنا إن هذا يدل عليه أمران الأمر الأول أنه يقول حق للعباد هاه ومن كان وصفه العبادة فلا بد أن يعبد
الثاني أن هذا مقابل بقوله بما تقدم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا إذن لا يعذب من يعبدونه ولا يشركون به شيئا
( قلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس ) أفلا أبشر الناس يعني أأسكت فلا أبشر الناس ومثل هذا التركيب مرّ علينا كثيرا ولا لا؟ يعني الهمزة ثم حرف العطف ثم الجملة وذكرنا أن لعلماء النحو فيه قولين قول يقول إن بين الهمزة وحرف العطف محذوفا يقدر بما يناسب المقام ، والقول الثاني أن همزة الاستفهام متقدمة وأن حقها أن تكون بعد حرف العطف وعلى هذا فليس هناك شيء محذوف بل هناك ترتيب يعني تغير الترتيب ، ... التقدير أفلا أبشر تقديره فألا أبشر لكن لما كان مثل هذا اللفظ ركيكاً وهمزة الاستفهام لا تصح إلا في أول الكلام قُدمت على حرف العطف ونظير هذا في القرآن كثير مثل : (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت )) (( أفلم يسيروا في الأرض )) (( أولم يسيروا في الأرض )) وما أشبهها نعم (( أفلا تعقلون )) (( أفلا تبصرون )) هاه طيب هنا (أفلا أبشر الناس ) إذا قلنا بالرأي الأول قلنا الهمزة داخلة على شيء مقدر وش يكون التقدير؟ أأسكت فلا أبشر الناس، وإذا كان على الرأي الثاني مثل فألا أبشر الناس ... معطوفة على ما سبق ويكون محل الفاء سابقاً على الهمزة لكن قُدمت الهمزة لأن الاستفهام له الصدارة
أُبشر ما معنى البشرى الإخبار بما يسر وقد يكون وقد يستعمل في الإخبار بما يضر مثل قوله تعالى : (( فبشرهم بعذاب أليم )) لكن الأكثر الأول أفلا أُبشر الناس يعني بهذا الحديث أن الله لا يعذب من لا يشرك به شيئاً يعني وأن المعاصي المعاصي تكون مغفورة بتحقيق التوحيد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تبشرهم ) لا هذه إعرابها ناهية، يعني لا تخبرهم بهذه البشرى ( فيتكلوا ) أي فيعتمدوا فيعتمدوا عليها هاه يعتمدوا عليها حيث لم يفهم المعنى لأن تحقيق التوحيد صعب وتحقيق التوحيد يستلزم اجتناب المعاصي لأنه ما من معصية إلا وهي صادرة وش عنه ؟ عن هوى كل المعاصي عن هوى وما صدر عن الهوى فهو نوع من الشرك أفرأيت من اتخذ إلهه هواه واضح؟ طيب هذا الحديث مناسبته للترجمة ظاهر جداً وهو فضيلة التوحيد وأنه مانع من عذاب الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً