شرح قول المصنف : عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : ( نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا . قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا . فقال [ وفي نسخة القارئ : فقال ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك . فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله . ولا فيما لا يملك ابن آدم ) رواه أبو داود . وإسناده على شرطهما حفظ
الشيخ : " وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : ( نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة ) "
نذر النذر بمعنى الإلزام والعَهد وهو اصطلاحاً :
إلزام المكلف نفسَه عبادة غير واجبة. وبعضهم يقول : ما نحتاج أن نقيد غير واجبة وأنه إذا نذر الواجب صار واجبا من وجهين : من جهة النذر ومن جهة أصل الشرع .
والنذر في الأصل مكروه بل إن بعض أهل العلم يميلُ إلى تحريمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال : ( إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل ) ولأن النذر إلزام لنفسِ الإنسان بما جعله الله في حل منه ويكون في ذلك زيادة تشديد على نفسه. ولأن الغالب أن الذي ينذر يندم وتجده يسأل يريد الخلاص مما نذر لثقله عليه ومشقته ولاسيما ما يفعله بعض العامة إذا مرِض أو تأخر له حاجة يريدها، تجده ينذر كأنه يقول : إن الله لا يُنعم عليه بجلب الخير أو دفع الضرر إلا بهذا النذر.
وقوله : ( إبلا ببوابة ) : الإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه لكن له واحد من معناه ويش واحد من معناه ؟ بعير.
وقوله : ( ببوانة ) : الباء بمعنى في وهي للظرفية والمعنى : بمكان يسمى بوانة. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم يعني هل يفعل ويوفي بنذره ؟ فقال : ( هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يُعبد ؟ ) .
الوثن : كل ما عُبد من دون الله من شجر أو حجر منحوت أو غير منحوت سواء كان مخلوقا لله سبحانه وتعالى أو غير مخلوق . والصنم يختص بما صنعه الآدمي. فالوثن إذن كل ما عبد من دون الله فهو وثن .
قال : ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية )
قوله : ( الجاهلية ) : نِسبة لما كان قبل الرسالة وسميت بذلك لأنهم كانوا على جهل عظيم.
وقوله : ( يُعبد ) : صفة لقوله : ( وَثَن ) وهو بيان للواقع لأن الأوثان هي التي تُعبد من دون الله.
( قالوا : لا ) : قالوا مع أن السائل واحد لكنه لما كان هذا السائل محضورا يعني عنده ناس أجابوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : لا وهذا لا مانع أن يكون المجيب غير السائل .
( قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ )
هل كان فيها عيد العيد : اسم لما يعود ويتكرر والعود بمعنى الرجوع يعني هل أن أهل الجاهلية اعتادوا أن يأتوا إلى هذا المكان ويتخذوا هذا اليوم عيداً وإن لم يكن فيها وثن ؟ قالوا : لا. إذن سأل عن أمرين : عن الشرك، ووسائله. وين الشرك ؟ هل كان فيها وثن ؟ وسائله : العيد أعياد الجاهلية التي يحضرونها ويكررونها كل سنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما ... قال : ( أوف بنذرك ) كلمة أوف هنا فعل أمر مبنية على الكسر أوفِ
الطالب : لا ، حذف حرف العلة
الشيخ : حذف الياء يعني إي مبني على حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها وهل المراد به المعنى الحقيقي أو المراد به الإباحة ؟ نعم
يحتمل أن يراد به الإباحة ويحتمل أن يراد به المعنى الحقيقي فبالنسبة لنحر الإبل المراد به المعنى الحقيقي. وبالنسبة للمكان المراد به الإباحة لأنه ما يتعين أن يذبحها في ذلك المكان إذ أنه لا يتعين أي مكان في الأرض إلا ما تميز بفضل والأمكنة المتميزة بفضل ما هي ؟ المساجد الثلاثة أما غيرها فلا فعلى هذا نقول أوف بنذرك بالنسبة لنحر الإبل من حيث هو نحر واجب لا بُد. وأما بالنسبة للمكان، فهو مباح والدليل على أنه للإباحة أنه سأل هذين السؤالين فلو أجيب بنعم لقال : لا لا توف فإذن لما كان المقام يحتمل النهي ويحتمل الترخيص نقول إن الأمر في ذلك للإباحة.
وقوله : ( أوف بنذرك ) .