شرح قول المصنف : فيه مسائل: الأولى: تفسير آية الجن. الثانية: كونه من الشرك. الثالثة: الاستدلال على ذلك بالحديث، لأن العلماء استدلوا به على أن كلمات الله غير مخلوقة، قالوا: لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك. الرابعة: فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره. الخامسة: أن كون الشيء يحصل به مصلحة دنيوية من كف شر أو جلب نفع - لا يدل على أنه ليس من شرك. حفظ
الشيخ : ثم قال : " فيه مسائل:
الأولى : تفسير آية الجن "
: أيها ؟ (( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً )) .
" ثانياً : كونه من الشرك " ... كونه ... أي الاستعاذة بغير الله وهذا في الحقيقة اختصار مُخل لولا أن السياق يدل عليه ومنها .
" الثالثة : الاستدلال على ذلك بالحديث لأن العلماء يستدلون به على أن كلمات الله غير مخلوقة، قالوا : لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك " يعني : المؤلف رحمه الله يقول : إننا نأخذ من الحديث أن الاستعاذة بغير الله شرك وكيف ذلك ؟ لأن العلماء يقولون : " الاستعاذة بغير الله شرك " ولهذا قال : لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك والرسول قال : ( أعوذ بكلمات الله التامات ) فلم يستعذ بمخلوق وإنما استعاذ بكلمات الله وهي من صفاته، على كل حال وجه الدلالة كما شرحنا أن الاستعاذة بكلمات الله لا تخرج عن كونها استعاذة بالله أو لا ؟ لأنها صفة من صفات الله .
" الرابعة : فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره " .
ويش فضيلته ؟ يعني فائدته العظيمة وهي أنه لا يضرك شيء ما دمت في هذا المنزل .
الخامسة : أن كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر أو جلب نفع لا يدل على أنه من الشرك
الطالب : ليس من الشرك
الشيخ : على أنه ليس من الشرك ،نعم يعني معنى كلام المؤلف أنه قد يكون الشيء من الشرك ولو حصل لك به منفعة مثل الاستعاذة بالجن الاستعاذة بالجن قد يعيذونك لكن عياذتهم لك لا تدل على أن فعلك ليس بشرك مع أنك انتفعت وهذا حق فإن الإنسان قد ينتفع بالأمر وهو من الشرك قد يسجد لملِك من الملوك ويهبه هذا الملك قصوراً وأموالاً فينتفع بهذا الشيء ومع ذلك يعتبر هذا شركا يعني قصد المؤلف لا يلزم من حصول النفع أن ينتفي الشرك هذا المعنى وهذا حق فإن الإنسان قد ينتفع بما هو شرك وعلى هذا فيكون له منفعة دنيوية لكن عليه ضرر ديني بهذا الشرك الذي انتفع به انتفاعا ماديا ومن هذا ما يحصل لغلاة المداحين الذين يمدحون بعض الملوك ... عليهم من الهبات هل يخرجهم ذلك عن كونهم مشركين نعم لا يقول : بعضهم يخاطب ملكاً من الملوك :
" فكن كما شئت *** يا من لا نظير له
وكيف جئتَ *** فما خلقٌ يدانيك "

هذا الوصف ما يكون إلا لله عز وجل ومع ذلك يحصل على فائدة منه فمجرد حصول الفائدة الدنيوية لا يدل على أن هذا العمل ليس من الشرك كذلك أيضا يوجد والعياذ بالله بعض علماء الضلال الذين يدعون إلى تعظيم القبور والأولياء والغلو فيهم يكسبون بذلك الجاه عند العامة حتى إن العوام ربما يحنون رؤوسهم تعظيما لهم لأنهم يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم أو يعظمون هذا الولي أو ما أشبه ذلك وهذا أيضاً من المحرم ومن وسائل الشرك .
في هذا الحديث مسألة ما ذكرها المؤلف وهي هامة وهي : أن الشرع لا يُبطل أمرا من أمور الجاهلية إلا ذكر ما هو خير منه في الجاهلية كانوا يستعيذون بالجن أعوذ به بأي شيء بهذه الكلمات أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فهذه الطريقة هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن يكون عليها الداعية أنه إذا سد عن الناس باب الشر يجب عليه أن يفتح لهم باب الخير ما يقول هذا حرام ويسكت بل يقول هذا حرام ولكن افعل كذا وكذا وهذا له أمثلة كثيرة في السنة بل وفي القرآن أيضا وقد مر علينا في القرآن من مدة قريبة ما هي ؟
الطالب : قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا )) .
الشيخ : نعم أحسنت (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا )) نهاهم عن المحظور وفتح لهم باب المأمور وقولوا انظرنا وكذلك أيضاً قلنا أمثلة كثيرة من هذا مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام لما نهاه عن بيع الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة من التمر الطيب والرديء قال له : ( ولكن بِع الجمع بالدراهم ثم اشترِ بالدراهم جنيبا ) فلما منعه من المحظور فتح له باب جديد لأن الناس يعملون بدل ما كانوا في الجاهلية يقولون : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه قيل لهم : قولوا : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فرق عظيم ذاك من سفهاء قومه وهذا من شر ما خلق عام هذا خير من هذا ثم قال المؤلف رحمه الله .
السائل : ... .
الشيخ : إذا قال ذلك نقول إن هذا مقرون بالاعتماد التام والرغبة والإقبال على هذا الجن على هؤلاء الجن ثم إنها أسباب خفية ما نعلم هل لهذا القوم سيد أو الوادي سيد أو لا؟ قد لا يكون لأهل هذا الوادي سيد ثم قد يكون سيدا بالاسم بدون سيادة فلسنا على علم من هذا السيد فالأمور الخفية هذه تعتبر كالمعدومة .