شرح قول المصنف : قول الله تعالى : (( وإن يمسسك الله بضر ، فلا كاشف له إلا هو )) الآية . حفظ
الشيخ : (( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو )) إذ يمسسك الله بضر ، يمسسك بمعنى يصبك بضر كالمرض والفقر ونحو ذلك (( فلا كاشف له إلا هو )) لا نافية للجنس واسمها كاشف وخبرها له وإلا هو بدل وإذا قلنا بجواز أن يكون خبرها معرفة صار خبرها هو يعني ما أحد يكشفه أبدا إذا مسك الله بضر إلا الله وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ) (( وإن يردك بخير فلا راد لفضلِه )) وهنا قال يُردك وفي الضرر قال : (( يمسسك )) فهل هذا من باب التفنن في العبارة كما يقولون إن من فصاحة الكلام أنه ما يردد الألفاظ التي بمعنى واحد أو نقول إن هناك فرقاً معنويا ؟
الطالب : فرقاً معنوياً
الشيخ : ما هو ؟ ما الفرق المعنوي ؟ نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : إي أنت أحسنت ولكن ما وقعت نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : نعم .
الطالب : ... الإرادة بالخير ... كان يعني أبلغ ... لأن الله أرحم من أن يجعل شر ... أما الخير فظاهر هذا الفرق بين العبارتين .
الشيخ : ... جواب الشرط ،... الخبر والمبتدأ
الطالب : فرق بين العبارتين كما قلت .
الشيخ : ما قلت . نعم .
الطالب : الضرر مثل ... أما الخير ف يعني ... فإذا جاء ...
الشيخ : نعم
الطالب : ... .
الشيخ : طيب لا أنا قصدي لماذا عبر عن الضُر بالمس وعن الخير بالإرادة ؟
الطالب : هو هذا ... .
الشيخ : نحن ما مر علينا أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله تنسب إلى فعله لا إلى إرادته (( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا )) والمس من فعل الله والضر الذي مس الإنسان من مفعولاته الضر من مفعولاته فلا يريد سبحانه وتعالى الضرر هو لا يريد الضرر بمعنى أنه إذا أصاب الإنسان بضر لا يريد الضرر لكن يريد ما وراءه ذلك من الحِكم البالغة ( إن من عبادي لو أغنيته لأفسده الغنى ) أما الخير فهو مراد لله ومفعول له فهمتم الفرق الآن؟ اتضح ولا أنا أزيده إيضاحا إن شاء الله أقول إن الضرر لا يكون مرادا لله بمعنى أن الله لم يُرد أن يضر عباده ولو حصل من تدبيره ضرر لماذا ؟ لأن هذا الضرر الذي حصل ويش يراد به ؟ يراد ما وراءه من الحكم البالغة التي هي خير ومحل ثناء على الله عز وجل أما الخير فهو مراد لذاته ولهذا قال : (( وإن يردك بخير )) أما الضرر فلا يراد لذاته بالنسبة لله عز وجل ولهذا لم يُعبر عنه بالإرادة ويُقرب هذا الذي في سورة الجن (( وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً )) فمثلاً إذا أصيب الإنسان بمرض فهل أراد الله بهذا المريض الضرر ولا لا ؟ لا ما أراد الضرر هو أراد المرض وهو يضره لكنه لم يرد ضرره بل أراد خيراً وراء ذلك المرض ينتج عنه لحكمة بالغة قد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب وقد تكون الحكمة ظاهرة في غيره أيضا (( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) فالمهم أننا ما لنا أن نتحجر حكمة الله لأنها أوسع من عقولنا لكننا نعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يريد الضرر بأنه ضرر فالضرر عند الله ليس مرادا لذاته بل مراد لغيره ولا يترتب عليه إلا الخير أما الخير فهو مراد لذاته والله أعلم بما أراد في كلامه لكن هذا الذي يتبين لي قال : (( وإن يُردك بخير فلا راد لفضله )) ما أحد يستطيع أن يرد فضل الله أبدا لو تجتمع الأمة كلها على أن يردوا فضل الله ما استطاعوا أن يردوه أبدا هذا شيء مستحيل اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت وفضل الله عز وجل لا أحد يستطيع أن يرده وإذا آمنا بهذا الإيمان فمعنى ذلك أننا نعتمد على من ؟ على الله وحده في الدعاء في جلب المنافع ودرء المضار وأن نعتمد عليه في بقاء ما أنعم علينا به وأن نعلم أن الأمة مهما بلغت من الكيد والمكر والحيل لتمنع فضل الله فإنها لا تستطيع أن تمنعه ولهذا قال : (( وإن يردك بخير فلا راد لفضله )) ثم قال : (( يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم )) يصيب به أي بإيش ؟ بالخير الذي أراد أو بفضله وهنا مسألة يا جماعة الضمير إما أن يعود على الفضل أو يعود على الخير ؟ يعود على الخير لأنه هو المتحدث عنه ويعود إلى الفضل لأنه أقرب يصيب به أي بالخير بعد أن يريده يصيب به من يشاء أو بالفضل من يشاء من عباده وقوله : من يشاء لا يغيب عن بالكم ما قررناه كثيرا في أن كل فعل يقيد بالمشيئة فهو مقيد بالحكمة أيضا لأن مشيئة الله سبحانه وتعالى ليست مشيئة مجردة يفعل ما يشاء لمجرد أنه يفعل فقط ولكنه لحكمة كل ما شئت في القرآن شيئا مقيدا بالمشيئة فاعلم أنه مقرون بالحكمة لأن من صفات الله سبحانه وتعالى أنه الحكيم من أسمائه الحكيم وهو ذو الحكمة البالغة يصيب به من يشاء من عباده وقوله : (( من عباده )) العبودية هنا العامة ولا الخاصة ؟ العامة فيما يظهر لأن قوله : بخير يشمل خير الدنيا والآخرة وخير الدنيا يأتي للكفار خير الدنيا يصيب الكفار كالرزق والصحة وغير ذلك .
وقوله : (( وهو الغفور الرحيم )) الغفور معناه من المغفرة والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه والرحيم معناه ذو الرحمة وهي صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى تقتضي الإحسان والإنعام . الشاهد من هذه الآية قوله : (( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك )) وقد نهى الله نبينه أن يدعو من دون الله من سواه لأنه لا ينفع ولا يضر .