شرح قول المصنف : وقوله : (( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة )) حفظ
الشيخ : وقوله : (( من أضل ممن يدعو )) مر علينا أنه إذا صيغ الاستفهام ليراد به النفي أنه أبلغ من النفي المجرد لماذا ؟ أن النفي الذي يراد به الاستفهام أبلغ من النفي المجرد لماذا ؟
لأنه يحوله من استفهام من نفي إلى تحدي لأنه يحوله إلى تحدي فمن أضل يعني يتحدى يعني دور لي أحد أضل ممن يدعو من دون الله حط في بالكم الاستفهام الذي بمعنى النفي متضمن لأي شيء ؟ للتحدي وهو أبلغ من قوله : لا أضل ممن يدعو أبلغ لأن هذا نفي مجرد وذاك نفي مُشْرب أي متضمن لإيش ؟ للتحدي يعني إن كنت صادق وره من أضل ممن يدعو متعلق بأضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له يدعو هنا يراد بها دعاء العبادة ودعاء المسألة يشمل الأمرين : دعاء المسألة ودعاء العبادة وقوله : (( من دون الله )) أي : سواه وقوله : (( من لا يستجيب له )) ومن ويش إعرابها ؟ من بمعنى الذي لكن محلها من الإعراب مفعول يدعو يدعو من لا يستجيب له إلى يوم القيامة يعني إلى يوم القيامة لا يستجيب لو يبقى طول عمر الدنيا يدعو هذا ما استجاب له قال الله تعالى في آية أخرى : (( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ )) ... الخبر هذا (( وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ )) يعني نفسه سبحانه وتعالى طيب الآن من لا يستجيب له إلى يوم القيامة (( وهم عن دعائهم غافلون )) قوله : (( ممن يدعو من دون الله )) أتى بمن وهي للعاقل مع أنهم يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار والأموات نعم وهي عاقلة ولا ؟ ليست بالعاقلة ليست عاقلة لكنهم لما عبدوها نزلوها منزلتهم فخوطبوا بمقتضى ما يدعون لأنه أبلغ في إقامة الحجة عليهم إذ لو قيل ما لا يستجيب له لقالوا نعم لنا عذر ما يستجيبون لأنهم غير عقلاء لكن إذا قيل من هذا فيه حجة عليهم فالحكمة من العدول عن التعبير بما إلى التعبير بمن: إقامة الحجة عليهم في أنهم يدعون من يرونهم عقلاء ومع ذلك لا يستجيبون لهم وهذا من بلاغة القرآن أنه تنزل معهم في مخاطبتهم ليقيم الحجة عليهم لأنه لو أتت ما لقالوا نعم والله هذه لا يستجيب لنا لأنه ما يعقل لكن إذا جاءت مَن وهم الذين نزلوا هذه الأصنام منزلة إيش ؟ العاقل ومع ذلك ما تستطيع تجيبهم (( من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون )) هم عن دعائهم غافلون الضمير في قوله : هم يعود على مَن باعتبار المعنى حطوا بالكم يعود على من باعتبار المعنى وضمير يستجيب يعود على من باعتبار اللفظ أفهمتم ؟ ها من لا يستجيب واحد ولا جماعة ؟
الطالب : اللفظ واحد
الشيخ : يستجيب، يستجيب واحد وهم جماعة ومرجع الضمير في يستجيب ومرجع الضمير في هم هي مَن أليس كذلك ؟ طيب لماذا أفرد الضمير مرة وجمعه أخرى ؟ الجواب أفرده باعتبار اللفظ لأن لفظ مَن مفرد وجمعه باعتبار المعنى لأن مَن تعود على الأصنام وهي جماعة وقد مر علينا كثيرا أن من يجوز مراعاة لفظها ويجوز مراعاة معناها ما مرت وقلنا قد يراعى لفظها ومعناها في كلام واحد (( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له )) شوف راعى اللفظ ثم المعنى ثم اللفظ طيب وهم عن دعائهم طيب عن دعائهم الضمير في دعائهم يعود على مَن ؟ ها الأصنام هل المعنى وهم عن دعاء العابدين غافلون أو المعنى وهم عن دعائهم غافلون ؟ تأملوا فيها (( من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون )) هل المعنى عن دعاء الغافلين إياهم فيكون على هذا من باب إضافة المصدر إلى مفعوله يعني عن دعاء العابدين إياهم وهم أي : الأصنام كذا عن دعائهم أي دعاء الداعين إياهم فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله أو عن المعنى وهم عن دعاء العابدين لهم يكون مفعول دعاء محذوف ويكون دعاء هنا مضافا إلى فاعله نعم
الطالب : كلا المعنيين
الشيخ : إي هو جائز كلا المعنيين يجوز هذا وهذا لكن أيهما أبلغ ؟ أن يكون عن دعائهم يعني إذا دعوا هم غافلون ها هذا في الحقيقة أبلغ يعني عن دعاء العابدين إياهم أبلغ من عن دعاء العابدين على سبيل الإطلاق يعني عن دعائهم مَن ؟ لازم تقدر المدعو محذوف ويكون عن دعائهم أي عن دعاء العابدين إياهم وجعلت الضمير هنا يعود على المدعو صار المعنى أن هذه الأصنام غافلة عن دعوة هؤلاء إياهم يكون هذا أبلغ في أن هذه الأصنام لا تزيدهم شيئا هم عن دعائهم غافلون هذا في الدنيا غافلون ما يمكن أن يستجيبوا لهم فإن كانوا من الكفار المغلو فيهم فهم والعياذ بالله غافلون في العذاب وإلا فهو غافلون في نعيم إذا حشر الناس قال الله تعالى : (( وإذا حشر الناس )) متى ؟ يوم القيامة (( كانوا لهم أعداء )) هذه أيضا على من يعود الضمير ؟ كان العابدون للمعبودين أصناما أعداء أو كان المعبودون للعابدين أعداء ها هذا .
حتى الملائكة يقولون: (( سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا )) الشاهد من هذه الآية قوله شاهد الترجمة (( من لا يستجيب له إلى يوم القيامة )) إذا كان من سوى الله لا يستجيب لك إلى يوم القيامة فكيف يليق بك أن تستغيث به دون الله فبطل بذلك تعلق هؤلاء العابدين بمعبوداتهم فالذي يأتي إلى البدوي في مصر ويقول : يا سيدي البدوي يا سيدي الدسوقي أغثني المدد المدد وما أشبه ذلك هل يغني ذلك عنه شيئاً ؟ ها أبداً لا يغني عنه شيئا بل لا يزيده إلا تحسرا والعياذ بالله أبدا وقد يفتن الإنسان فيصادف القدر حصول مطلوبه عند هذا الشيء لا بهذا الشيء هذا لا بأس أن نختار مذهب الأشاعرة حصل عنده لا به لماذا ؟ لأنا نعلم علم اليقين أن دعاء هؤلاء ما ينفع الله في القرآن يقول ما ينفع (( من لا يستجيب له إلى يوم القيامة )) في العراق الجيلاني في سوريا ابن عربي وفي جميع مع الأسف الشديد في الأقطار الإسلامية من هذا النوع قبور أولياء يزعمونهم أولياء يقولون إنها تنفع وأنها تدفع الضر وأنها تجلب النفع ومع ذلك لا شك أنها لا تنفع لو بقوا إلى يوم القيامة ما أجابتهم حتى إن الحسين بن علي بن أبي طالب بقدة قادر كان ثلاثة رجال تجي للعراق يقول عندنا تجي للسوريين يقولون عندنا تأتي للمصريين يقولون عندنا فسبحان من جزأ الواحد فهذا من السفه في الواقع سفه في العقول وسفه في الدين العامة قد لا يلامون في الواقع لكن الذي يلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء أيضا ممن وفق للفطرة السليمة لأن هذا ما يحتاج إلى دراسة رجل هامد ميت جثة هو بنفسه يحتاج إلى أن يدعى له الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي إلى المقبرة في المدينة يدعو لهم ولا يدعوهم ؟ يدعو لهم كيف أنت تجي تطلب منهم المدد هو المسكين الآن يحتاج إلى عفو الله وإلى مغفرة الله ما يملك لنفسه شيئا فالمهم أن هذه الآية وأمثالها تدل على سفاهة هؤلاء وأنهم لو اتجهوا إلى الله عز وجل لوجدوا المطلوب .