شرح قول المصنف :وفي الصحيح عن أنس ، قال : ( شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وكسرت رباعيته ، فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟ فنزلت : (( ليس لك من الأمر شيء )) [ سورة آل عمران ، الآية : 128 ] . وفيه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر : ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ، بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، فأنزل الله (( ليس لك من الأمر شيء )) - الآية . وفي رواية : ( يدعو على صفوان بن أمية و سهيل بن عمرو والحارث ابن هشام فنزلت (( ليس لك من الأمر شيء )) . ) حفظ
الشيخ : ثم قال : " وفي الصحيح عن أنس ، قال : ( شُج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وكُسرت رباعيته ) " أحُد جبل معروف في الشمال من المدينة المنورة أو بالأصح من المدينة ولا نقول المنورة لأن ذلك لم يكن معروفاً عند السلف وإنما تُسمى المدينة وهو كذلك في القرآن ما وصفها الله بالمنورة بل قال : (( إلى المدينة )) نعم وهو هذا الجبل حصل فيه وقعة في السنة الثالثة من الهجرة في شوال كانت فيها هزيمة للمسلمين بسبب ما حصل منهم من مخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام كما أشار الله إليه بقوله : (( حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ )) وجواب الشرط محذوف يعني حصل لكم ما تكرهون بسبب ها
الطالب : ...
الشيخ : في السنة الثالثة الهجرية أنا قُلت في الثانية
الطالب : في الثالثة
الشيخ : الثالثة نعم فهذا الذي حصل أن المسلمين هُزموا بمعصية واحدة والآن نريد الانتصار ونحن عسى أن يكون عندنا طاعة واحدة نعم المعاصي كثيرة فلذلك لا يمكن أن نفرح بنصر ما دمنا على هذه الحال إلا أن الله تعالى نسأله أن يلطف بنا ويُصلحنا جميعاً
شج يوم أحد والشجة جرح في الرأس والوجه خاصة الشجة في اللغة العربية هي جرح في الرأس والوجه خاصة لو جرح الإنسان مع بطنه أو مع فخذه أو مع ظهره أو مع صدره فإن ذلك لا يُسمى شجة لا يسمى إلا في الرأس ويش بعد ؟ والوجه والرسول عليه الصلاة والسلام شُج وكُسرت رباعيته الرباعية هي السن الرابعة من وسط الفم ، السنين المتوسطتين يسميان ثنايا وما وراءهما يسمى رباعية كسرت رباعية النبي عليه الصلاة والسلام ... الذي كسرها من قريش لما كسروها قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( كيف يُفلح قوم شجوا نبيهم ) كيف استفهام يراد به الاستبعاد يعني بعيد أن يفلح قوما شجوا نبيهم عليه الصلاة والسلام وقوله : ( يفلح ) الفلاح تقدم لنا غير مرة أن معناه ها
الطالب : ...
الشيخ : ما حضرت ؟ من ؟
الطالب : الفوز بالمطلوب ، والنجاة من المرهوب
الشيخ : نعم الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب هذه الفلاح يعني كيف يحصل لهم مطلوبهم وينجو من مرهوبهم وقد شجوا نبيهم فأنزل الله : فنزلت : (( ليس لك من الأمر شيء )) نزلت يعني هذه الآية : (( ليس لك من الأمر شيءٌ )) وهذا الخطاب لمن ؟ للرسول عليه الصلاة والسلام وكلمة شيء نكرة في سياق النفي فتكون عامة والأمر الشأن والمراد بالشأن هنا شأن الخلق فشأن الخلق إلى خالقهم حتى النبي عليه الصلاة والسلام ما له في الأمر شيء (( ليس لك من الأمر شيء )) هذا الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام وقد شُج وجهه وكُسرت رباعيته وفي هذه الحال مع ذلك ما عذره الله عز وجل في كلمة واحدة ( كيف يُفلح قوم شجُوا نبيهم ) فإذا كان الأمر كذلك فما بالك بمن سواه هل له من الأمر شيء ؟ لا الأصنام والأوثان والأولياء والأنبياء ما لهم من الأمر شيء الأمر كله لله وحده سبحانه وتعالى كما أنه الخالق وحده فالأمر إليه وحده والحمد لله الذي لم يجعل شأننا إلى أحد سواه ، لو جعل شأننا إلى مخلوق ضعنا، لأن المخلوق ما يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يملك لغيره فإذن أمر الخلق إلى خالقهم (( ليس لك من الأمر شيء )) يعني فلا تقل كيف يفلح قوم شج نبيهم وبهذا نستفيد من هذا الحديث وإن كنا ما نريد تعداد الفوائد لأننا نتكلم عن الشاهد فقط نستفيد أنه يجب الحذر من إطلاق اللسان فيما إذا رأى الإنسان مُبتلىً بالمعاصي إذا رأيت مبتلى بالمعاصي لا تستبعد رحمة الله منه فإن الله تعالى قد يتوب عليه شوف هؤلاء القوم شجوا وجه نبيهم لما استبعد الرسول فلاحهم قيل له (( ليس لك من الأمر شيء )) ( والرجل الذي كان مطيعا وعابدا يمر بالعاصي فيقول اوالله لا يغفر الله لفلان قال الله له : قد غفرت له وأحبطت عملك من الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان ) فيجب على الإنسان أن يمسك اللسان، لأن زلته عظيمة ثم يا أخي ألستَ تشاهد بعينك أو تسمع بأذنك أخبار قوم كانوا من أفجر عباد الله وأشدهم عداوة له انقلبوا أولياء لله عز وجل فإذا كان كذلك فلماذا تستبعد رحمة الله تعالى من قوم كانوا عتاة ولهذا بعض العامة الحقيقة هدانا الله وإياهم إذا قلت نسأل الله أن يهدي فلانا من أئمة الكفر قال لا ما هو بهاديه كيف ما هو بهاديه ويش تعلم ؟ ما دام الإنسان ما بعد مات كل شيء ممكن كما أن المؤمن نسأل الله أن يحمينا وإياكم يمكن أن يزيغ قلبه لما كان فيه من سريرة فاسدة فالمهم أن هذا الحديث يجب أن يُتخذ عبرة لمعتبر في أنك لا تستبعد رحمة الله من أي إنسان كان عاصياً وقوله : ( فنزلت ) الفاء للسببية وعلى هذا فيكون سبب نزول الآية الكريمة إيش يكون سببها ؟ ها هذا الكلام ( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ) وفيه عن أبي هريرة في الصحيح أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع .
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم هذا ظاهر اللفظ .
السائل : ... .
الشيخ : هو هذا نعم وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر ) سمعه يقول : ( إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر ) وهنا قيد الصلاة وقيد مكان هذا الدعاء من الركعات ومكانه من الركعة ، مكانه من الصلوات الفجر من الركعات الأخيرة من الركعة بعد الرفع من الركوع نعم سمعه يقول : ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) اللهم العن اللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله أي أبعدهم عن رحمتك واطردهم منها هذا هو اللعن والعياذ بالله وفلانا وفلانا ... في الرواية الثانية عندي ، ويش بعدها ؟ ( بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ) يعني أنه يقول ذلك إذا رفع وقال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ( فأنزل الله (( ليس لك من الأمر شيء )) ) شوف فأنزل واللي قبلها يقول فنزلت وكلامها بالفاء وعلى هذا فيكون سبب نزول الآية أيضا دعوة النبي عليه الصلاة والسلام أو دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء ولا مانع من أن يكون للآية سببان نزول يعني ليس السبب ... واحد فقط قد يتعدد السبب إلى هنا القصة واحدة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا على قوم من قريش بعد اشتداد أذيتهم للمؤمنين فأنزل الله تعالى هذه الآية (( ليس لك من الأمر شيء )) يعني فإذا كان ليس لك من الأمر شيء فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يقلب عداوة هؤلاء إلى ولاية وفي رواية : ( يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت: (( ليس لك من الأمر شيء )) ) هذا التبيين لأي شيء ؟ للمبهم في قوله : ( فلانا وفلانا ) صفوان بن أمية سهيل بن عمرو والحارث بن هشام كلهم كانوا كفارا معادين للرسول عليه الصلاة والسلام وسهيل بن عمرو هو الذي حصل على يده الصلح في الحديبية فأنزل الله تعالى نزلت (( ليس لك من الأمر شيء )) آخر الآية (( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون )) والذي وقع ما هو ؟ تاب فإن الله تاب عليهم وهؤلاء الثلاثة كلهم أسلموا وحسُن إسلامهم رضي الله عنهم فتأمل الآن تأمل أن العداوة قد تنقلب إلى ولاية لأن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى ولو أن الأمر كان على ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان هؤلاء يبقون على الكفر حتى يموتوا عليه إذ لو قبلت الدعوة العن فلانا وفلانا وطردوا عن الرحمة ما بقي إلا العذاب إذا انتفت الرحمة بقي العذاب ولكن النبي عليه الصلاة والسلام ليس له من الأمر شيء الأمر كله لله ولهذا هدى هؤلاء الأقوام وصاروا من أولياء الله ومن الذابين عن دين الله بعد أن كانوا من أعدائه قائمين ضده والله سبحانه وتعالى يمن على من يشاء من عباده وليس بعيدا عليكم قصة الأصيرم بن عبد الأشهل من بني عبد الأشهل من الأنصار كان معروفا بأي شيء ؟ بالعداوة لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام وضد ما جاء به الرسول فلما جاءت وقعة أحد ( ألقى الله الإسلام في قلبه فأسلم الرجل من غير أن يعلم النبي عليه الصلاة والسلام ومن غير أن يعلم أحد من قومه وخرج للجهاد وقتل شهيدا لما انتهت المعركة جعل الناس يتفقدون قتلاهم فإذا الأصيرم في آخر رمق فقالوا ما جاء بك يا فلان ؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام ؟ قال: بل رغبة في الإسلام وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأخبروا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك فقال : هو من أهل الجنة ) ... ما صلى ولا سجد ولا سجدة وكان من أهل الجنة لكن الله عز وجل حكيم يهدي من يشاء لحكمة ويضل من يشاء لحكمة والمهم أننا لا نستبعد رحمة الله سبحانه وتعالى من أي إنسان لا نستبعد ولا نيأس لنعلم أن الذي قال لرسوله : (( ليس لك من الأمر شيء )) حين قال : ( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ) أنه يقول لنا مثل ذلك أو أكثر أليس كذلك ؟