شرح قول المصنف : وعن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم . إنما أنا عبد ، فقولوا : عبدالله ورسوله ) أخرجاه . حفظ
الشيخ : قال : " وعن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ) ".
( تطروني ) الإطراء المبالغة في المدح المبالغة في المدح.
وقوله : ( كما أطرت ) هل النهي هنا منصب على هذا التشبيه أو النهي عام وقوله : ( كما أطرت ) تعليل؟
الطالب : تعليل.
الشيخ : يحتمل هذا وهذا. لكن البوصيري يرى الأول ويقول :
" دع ما ادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم "
" دع ما ادعته النصارى في نبيهم " من قول هو ابن الله أو ثالث ثلاثة والباقي املأ فمك وبطنك بمدحه ولو بما لا يرضيه.
" واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم " ويجوز أن قوله : ( لا تطروني ) هذا عام ( كما أطرت ) أي كما بالغت في التعظيم يعني لأن إطراء النصارى ابن مريم سببه الغلو سببه الغلو في هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جعلوه ابنا لله وثالث ثلاثة والدليل على أن المراد هذا قوله : ( إنما عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) اللهم صل وسلم عليه إنما عبد ليس لي حق الربوبية ولا مما يختص به الله عز وجل ولا مما يختص به الله عز وجل وليس له مما يختص به الله شيئا أبدا. ( أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ). وهذان وصفان أصدق وصف للرسول عليه الصلاة والسلام وأشرف وصف له وأحق وصف به.
أصدق وصف وأحقه وأشرفه وبهذا يقول الشاعر في محبوبته :
" لا تدعني إلا بيا عبدها *** فإنه أشرف أسمائي " ... مثلا اسمه خالد لا تقلي خالد قل يا عبد فلانة نعم؟ لأنه أشرف أسمائه كل كل إنسان يتشرف بأن يكون منتسبا إلى عبودية الله إلى عبودية الله أشرف وصف للإنسان أن يكون من عباد الله (( وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا )) (( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين )) لعبادنا فوصفهم بالعبودية قبل الرسالة مع أن الرسالة شرف عظيم لكن كونهم عباد لله عز وجل أشرف وأعظم ( قولوا عبد الله ورسوله ) صلى الله عليه وسلم. فهو عبد لا يعبد ورسول لا يكذب هذا أفضل ما يكون من الأوصاف ولهذا نقول في صلاتنا عندما نصلي عليه عندما نسلم عليه : السلام عليكم ونشهد له بالرسالة وأشهد أن محمد عبده ورسوله. هذا أفضل وصف اختاره النبي عليه الصلاة والسلام لنفسه.
الطالب : شيخ ... .
الشيخ : الأفضل أن يقتصر على ما ورد به النص هذا الأفضل.
واعلم أن الحقوق ثلاثة أقسام :
حق لله : لا يشركه فيه غيره فهو ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات هذا حق لله لا يشركه فيه معه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وحق خاص بالرسل : وهو إعانتهم وتوقيرهم وتبجيلهم بما يستحقون.
وحق مشترك : وهو الإيمان بالله ورسله. هذا للجميع وإلا لا؟ (( لتؤمنوا بالله ورسوله )) موجود في الآية الكريمة (( لتؤمنوا بالله ورسوله )) هذا مشترك وإلا لا؟ مشترك (( وتعزروه وتوقروه )) هذا خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام (( وتسبحوه بكرة وأصيلا )) هذا خاص بالله سبحانه وتعالى. فجمعت الآية الكريمة الحقوق الثلاثة : المشترك والخاص. والذين يغلون في الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون : ( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه ) أي رسوله ( وتوقروه ) أي رسوله ( وتسبحوه ) أي رسوله نعم؟ فيسبحون الرسول كما يسبحون الله والعياذ بالله. نعم وهذا لا شك أنه شرك لأن التسبيح من حقوق الله الخاصة بخلاف الإيمان. فهو من الحقوق المشتركة : الإيمان بالله ورسوله. نعم.
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ) لأن إطراءه والغلو فيه يؤدي إلى عبادته كما هو الواقع. الآن في ناس في المدينة عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله المدد ! المدد يا رسول الله ! يا رسول الله أغثنا يا رسول الله بلادنا يابسة يا رسول الله هبني من لدنك زوجة يا رسول الله هب لي من لدنك رزقا ... نصا صريجا واضحا و رأيت بعيني رجلا يدعو الله تحت ميزاب الكعبة موليا ظهره البيت مستقبلا النبي لأن استقبال القبر عنده أشرف من استقبال الكعبة والعياذ بالله. الكعبة أفضل من الحجرة صح الكعبة من مجرد الحجرة لأن الحجرة بيت النبي صلى الله عليه وسلم والذي دفن فيها. صحيح؟ فأما والنبي صلى الله عليه وسلم فيها فلا والله ولا العرش ولا الكعبة ولا العرش وحملته ولا للجنة فلا والله ولا العرش وحملته ولا الجنة. ما تقولون في هذا؟
الطالب : ... .
الشيخ : هذا غلو لأن الآن يفضل الحجرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم على الكعبة وعلى العرش وعلى حملة العرش وعلى الجنة و هذه مبالغة الرسول ما يرضاها. ما يرضاها لنا ولا يرضاها لنفسه. صحيح أن جسد الرسول عليه الصلاة والسلام أفضل ولكن كون الحجرة أفضل من هذا لأن جسد الرسول فيها هذا خطأ عظيم نعم نسأل الله السلامة والعافية.