شرح قول المصنف : باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله روى مالك في الموطأ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ). حفظ
الشيخ : في الأحاديث والآثار في أن الغلو في قبور الصالحين الغلو بمعنى مجاوزة الحد في قبورهم لأن القبور لها حق علينا من وجهين :
الوجه الأول : أن لا نفرط فيما يجب لها بالإهانة والجلوس عليها وما أشبه ذلك.
والوجه الثاني : أن لا نغلو فيها حتى نجاوز الحد.
وفي صحيح مسلم أن علي بن أبي طالب قال لأبي الهياج الأسدي : ( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وشلم ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته ) القبر المشرف الذي يتبين عن سائر القبور فلا بد أن يسوي بالقبور لماذا؟ لئلا يظن أن هناك خصيصة لصاحب هذا القبر ولو فيما يأتي من الزمان البعيد فيكون ذلك وسيلة إلى الغلو فيه.
وقوله : " يصيرها أوثانا " الأوثان جمع وثن والوثن ما نصب للعبادة كل ما نصب للعبادة فإنه وثن ويقال له أيضا صنم ولكن ظاهر كلام المؤلف أن كل ما يعبد يسمى وثنا وإن لم يكن على تمثال نصب ، لأن القبور قد لا يكون لها تمثالا ينصب على القبر فيعبد
روى مالك في الموطأ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ).
مالك هو ابن أنس الإمام المشهور أحد الأئمة الأربعة وكتابه الموطأ أيضا مشهور وهو من أصح الكتب لأنه رحمه الله تحرى فيه صحة السند ولقربه أيضا وعلو سنده هو يعتبر عالي السند لأنه من شيوخ البخاري فهو أرفع منه وأقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون سنده عاليا وكلما كان السند أعلى كان للصحة أقرب وهو مشهور وفيه مع الأحاديث المرفوعة آثار عن الصحابة وفيه أيضا كلام وبحث ومناقشة للإمام مالك نفسه رحمه الله وقد شرحه كثير من أهل العلم ومن أوسع شروحه وأحسنها لا من حيث الرواية ولا من حيث الدراية " التمهيد " لابن عبد البر وهو الآن والحمد لله تيسر طبعه نعم
و فيه علم كثير هذا الكتاب أعني " التمهيد "
أن رسول الله قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ).
الطالب : ... .
الشيخ : نعم هذا مرسل عن عطاء بن يسار.
النبي عليه الصلاة والسلام وظاهر كلام المؤلف أنه متصل.
الطالب : ... .
الشيخ : لا ما هو من طريق مالك.
الطالب : ... .
الشيخ : ... . وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه متصل لأنه إذا قيل روى البخاري في صحيحه أو روى مالك في الموطأ أو ما أشبه ذلك فإنه لا يعرف مثل هذا التعبير إلا إذا كان الحديث متصلا من طريق هذا الراوي ولعل في النسخة سقطا لعل فيه سقطا ما بينه الكاتب.
قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثنا )
( اللهم ) أصلها يا الله فحذفت يا النداء - يا غانم - لماذا؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب لماذا؟
الطالب : لأجل البداءه باسم الله.
الشيخ : البداءة باسم الله صح. وعوض عنها الميم.
الطالب : لأنها دالة على الجمع.
الشيخ : نعم فكأن الداعي جمع قلبه على الله وكانت في الآخر من أجل ما ذكرت لأجل البداءة باسم الله.
وقال : ( لا تجعل ) لا نافية وليس مراده النفي لأن النهي لا يكون من المخلوق للخالق لكن المراد به الدعاء.
( لا تجعل ) لا تصير قبري مفعولها الأول وثني مفعولها الثاني.
و ( يعبد ) صفة لوثن وهي صفة كاشفة لأن الوثن هو الذي يعبد من دون الله.
( لا تجعل قبري وثنا يعبد ) وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأن ممن قبلنا من جعلوا قبور أنبيائهم مساجد وعبدوا صالحيهم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد لأنه عليه الصلاة والسلام لأن دعوته كلها بالتوحيد ومحاربة الشرك.